لم يكن المشاهد في حاجة الى “تلفزيون لبنان” لكي يتابع الحديث الأخير للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، ولم يكن هذا التلفزيون في حاجة الى “الفضائية السورية” أو غيرها لكي “يسجّل” بث حديث للسيد نصرالله. فمن الزاوية المهنية البحتة، كان في استطاعة “تلفزيون لبنان” طلب إجراء حديث خاص معه وسؤاله عـن كل شيء، بما في ذلك حملته المستمرة على المملكة العربية السعودية وتجاهل تداعيات هذه الحملة لبنانياً وعربياً، وسينقله حكماً تلفزيون “المنار” الذي يشكل واجهة إعلام “حزب الله”. وأما على الصعيد السياسي فلم يكن السيد نصرالله في حاجة الى محطة معينة لكي يوصل رسائله الى السعودية أو الى إيران وغيرهما، ولم تكن غلطة “تلفزيون لبنان” لتأخذ هذا المنحى لولا الواقع المأزوم بين الدولتين، ولولا الحملة التي شنها السيد نصرالله على الدول العربية وعلى المملكة العربية السعودية تحديداً.
هل هي مسألة “غباء” أو “سوء تقدير” أو “محاولة تقديم أوراق اعتماد من مدير مكلّف بقرار قضائي يطمح الى تثبيته رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون لبنان”؟ أم هو خطأ من قسم العمليات والنقل المباشر أو من مديرية الأخبار؟ لماذا لم يبلغ رئيس مجلس الإدارة بالتكليف طلال مقدسي وزير الاعلام رمزي جريج بقرار النقل؟ لماذا لم يعرف أن الحديث مخصص للمحطة السورية وقد أُعلن عن ذلك تكراراً؟
يروي أحد الزملاء في مديرية الأخبار أن قسم العلميات تلقى اتصالاً من محطة “المنار” تبلغه كالعادة، وكما تفعل مع سائر المحطات عادة، أن “هناك كلمة للسيد ستبث الساعة الثامنة والنصف مساء، فأعطى موافقته مبدئياً بعدما اتصل بدوره برئيس مجلس الإدارة بالتكليف في وقت لاحق قبل بث المقابلة. ويقول إنه بعد قليل من بداية الحديث الذي نقله التلفزيون عن “المنار” بعدما زودته عملياتها بالـ”Frequency” (التردد الذي يتيح لمحطة أخرى النقل المباشر عنها)، فوجئ بما كتب على شاشة المنار: “نقلاً عن الفضائية السورية” فاتصل بالمقدسي مستوضحاً امكان وقف النقل، وبعد تشاور تقرر الاستمرار بالبث منعاً لأي تفسير سياسي، ويقول بأن الجميع فوجئوا في التلفزيون لكون محطة “المنار” وحدها تتولى عملية البث المباشر لأسباب أمنية، وتنقل عنها المحطات الاخرى. ويذكر بأن “مجلس إدارة التلفزيون اتخذ قراراً قبل خمس سنوات بعد اشكالات مع سياسيين، وقضى بالنقل المباشر للخطب والمؤتمرات الصحافية لسياسيي الصف الأول من المشاركين في هيئة الحوار الوطني، وهذا ما يفعله مثلاً، بعد كل جلسة مخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية، اذ ينقل وقائع المؤتمر الصحافي لرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع”.
وعن استهداف متعمد للسعودية والإساءة التي تضمنها الحديث لها يقول “إننا نحن من تولى النقل المباشر للتعازي بوفاة العاهل السعودي الملـــــك عبــدالله على مدى ثلاثة أيام” وينفي ما قيل عن “تورّط في تنسيق سوري خلافاً لسياسة النأي بالنفس”، ويكشف أن المسؤول الإعلامي في “حزب الله” محمد عفيف زار رئيس مجلس الإدارة قبل مدة شاكياً ما سماه “انحياز الاخبار الى فريق 14 آذار” وفنّد مع وفد من “الوحدة الاعلامية” رافقه اسباباً عدة كان آخرها النقل المباشر من المحكمة الدولية على مدى ثلاثة أيام “بكل ما تضمنته الجلسات من اتهامات ووقائع”. وإذ يخلص الى السؤال عما اذا كان هناك من يبحث عن “كبش محرقة” يقول إنه “موضوع سياسي”.
لعلها حادثة تفرض فتح ملف “تلفزيون لبنان” وضرورة تعيين مجلس إدارة له في أسرع وقت، بعد فشل مستمر في تلك الخطوة منذ 17 عاماً!