باتت الحكومة على شفير عدة سيناريوهات يجري تداولها في الوسط السياسي، حتى أن بعض الوزراء والنواب وفي مجالسهم، لا يخفون إمكانية استقالة الرئيس سعد الحريري، أو إحداث صدمة من خلال استقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة، ربما من شخصية مستقلة بعيدة عن 8 و14 آذار، باعتبار أن إجراء أي تعديل في بعض الوجوه الوزارية في الحكومة الحالية غير مطروح لأن المسألة تتخطى هذا الإطار نحو تغيير شامل وجذري لجملة اعتبارات، ليست فقط وفق المتابعين، تتناول الشق الداخلي أو حيال الوضع الإقتصادي المتردّي، والذي سيكون المنطلق لاستقالة الحكومة أو استقالة رئيسها، بل ثمة عوامل وظروف إقليمية ودولية تستوجب هذا التغيير، وذلك له صلة بموقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في نيويورك، وتحديداً كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة، عندما تحدّث عن العلاقة اللبنانية ـ السورية، وبمعنى آخر أن رئيس الجمهورية يتّجه نحو تفعيل هذه العلاقة بين البلدين، وأطلق مؤشّرات لذلك من نيويورك، ولكن الجميع يقرّ بأن ذلك سيواجه مشكلة كبيرة مع الرئيس سعد الحريري والمكوّنات السياسية المنضوية في الحكومة والتي ترفض إعادة العلاقة بين البلدين إلا من خلال إجماع عربي، فهذه الأمور لم يعد يستسيغها رئيس الجمهورية، والتي تلقى ارتياحاً وقبولاً لدى حزب الله وحلفاء دمشق في لبنان، كذلك، هناك رفض خليجي لهذه الطروحات التي أطلقها عون، وصولاً إلى عدم التناغم والتلاقي مع سياسة الحريري أكان على المستوى السياسي أو الإقتصادي، وكل ذلك يبقي الهوّة قائمة بين بعبدا وبيت الوسط، وإن استمرّت مفاعيل التسوية الرئاسية قائمة وتشديد الحريري على الإلتزام بها.
من هذا المنطلق، ينقل عن نائب في الجبل، أنه إذا حصلت تظاهرة كبيرة على غرار ما جرى في حكومة الرئيس عمر كرامي والشعارات التي أطلقت آنذاك بعد ارتفاع الدولار وحرق الدواليب، فالتاريخ قد يعيد نفسه مع الرئيس الحريري، دون إغفال بعض الإشارات والرسائل حيال ما جرى في طرابلس وصيدا من إزالة وحرق صور رئيس الحكومة، وهذه سابقة لم تحصل في أي مرحلة أو أي محطة، ما يعني أن بوادر التصعيد انطلقت، وهناك سلوك تدريجي لهذا التصعيد تجاه رئيس الحكومة من قبل فئات يفترض أن تكون حليفة له، والبعض الآخر، ولدواع استراتيجية في العلاقة مع سوريا، وتحديداً محور الممانعة، فهؤلاء لا يرون أنه يمكن مع الحريري واعتباراته الخليجية والعربية والدولية قد يصار إلى إعادة التطبيع مع دمشق.
من هنا، يُتوقّع وفق المعلومات السياسية المتداولة، بأن يكون هناك لقاء فور عودة الحريري من الخارج مع رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي، وبالتالي، ستتبلور الصورة الرئاسية أكثر ربطاً بموقف رئيس الحكومة بعد كل ما جرى من تظاهرات واحتجاجات إلى مواقف وزراء ونواب «التيار الوطني الحر»، والذين حمّلوا مسؤولية الإنهيار الإقتصادي إلى ما سمّوه «التركة الثقيلة» لحكومات الرئيس رفيق الحريري المتعاقبة إلى ما بعدها، ما يعني أن السؤال المطروح هل يمكن لهؤلاء أن يطلقوا هكذا مواقف دون علم رئيس «التيار» الوزير جبران باسيل؟ ما يشير وفق البعض، الى أن هناك ربما أمر عمليات قد صدر لإسقاط الحكومة ورئيسها، أو ربما إقدام الحريري نفسه على الإستقالة، كذلك قد يكون هناك مؤشّر لتولّي أو متابعة مواكبة رئيس الجمهورية للملفات الإقتصادية والمالية والإجتماعية، وهذا ما ظهر بوضوح بعد اللقاءات والخطوات والمواقف التي قام بها وأعلنها فور عودته من نيويورك.
لذا، فإن الأيام المقبلة ستوضح كل هذه المسارات، لكن الشيء المؤكد أن الحكومة اهتزّت وباتت غير مستقرّة أو متجانسة بفعل مواقف الكثيرين الذين صبّت مواقفهم في تحميل رئيس الحكومة وبعض الوزراء مسؤولية ما يجري، وبالتالي، أن ما حصل بات يطرح تساؤلاً حول ما يمكن أن تقدم عليه الدول المانحة حول أموال «سيدر» وسواه، في ظل ما يمكن أن يحصل للحكومة بعد هذه الإهتزازات والإحتجاجات والتظاهرات.