IMLebanon

«المديرية» تطيح سلّة الترقيات العسكرية؟

لا سبيل لاستئناف العمل الحكومي وعودة النواب الى «دوام» ساحة النجمة ما لم تجد التسوية الحكومية ـ النيابية ـ العسكرية طريقها الى التنفيذ.

تعرقل مشروع الحل طويلا، ثم لاحت في الأيام الماضية بوادر انفراج جعلت الرابية تتأهّب لإعطاء موافقتها على اقتراح لا يخرج عن إطار «نيل الحقوق»، إن كان بالترقيات أو التعيينات. لكن ما حصل أمس أعاد عقارب الازمة الى الوراء.

فبعدما تقدّمت حظوظ إقرار التسوية على فشلها، أضاف «المستقبل» في اللحظة الأخيرة الى الورقة التي جرت مناقشتها تفصيليا في الخلوة التي أعقبت جلسة الحوار الثالثة، بنداً جديداً هو تعيين مدير عام جديد لقوى الامن الداخلي.

أما الصيغة السابقة، فكانت تتضمّن فقط ملء الشغور في مجلس قيادة قوى الامن، إضافة الى تعيينات المجلس العسكري وترقية ثلاثة عمداء الى رتبة لواء، والبنود المتعلقة بتفعيل عمل الحكومة ومجلس النواب وآلية اتخاذ القرارات واستمرار الحوار.

الردّ جاء سريعا، ومن جانبين: ميشال عون لوّح بتطيير الحوار في ساحة النجمة ردّا على ما اعتبره «رشوة وظيفية» يستحيل أن يقبل بها، مذكّرا الرئيس سعد الحريري نفسه من دون أن يسمّيه بالمعادلة التي قبل بها سابقا وهي تعيين عماد عثمان مديرا عاما مقابل شامل روكز قائدا للجيش.

أما قائد فوج المغاوير، فعكس المقرّبون منه موقفا حاسما لجهة رفضه مقايضات من هذا النوع، معتبرين ان معادلة مدير عام جديد لقوى الامن لا تستقيم إلا بتعيين شامل روكز قائدا للجيش. أما الترقية فهي حق له، وبالقانون، تماما كما قيادة الجيش. «إما تكون هكذا وإما.. طويلة على رقبتهم».

وتساءلت أوساط الرابية «ماذا يعني عماد عثمان مديرا عاما لقوى الامن الداخلي لعشرة أعوام في مقابل سنة إضافية لروكز برتبة لواء من دون وظيفة؟ ثم ما الضمانات المعطاة لإدراج بندَي قانون الانتخاب وقانون استعادة الجنسية على جدول الأعمال وإقرارهما في مجلس النواب؟ وما الضمانة للسير بآلية حكومية تضمن عدم التعطيل؟».

ووفق المعلومات، فإن مطالب عون كانت ترتكز أساسا على إجراء تعيينات في قيادة الجيش وقوى الامن والمجلس العسكري ومجلس قيادة قوى الامن، أما طرح الترقيات، فأتى من جانب «المستقبل» وتمّ التوافق عليه خلال جلسات الحوار الثنائي مع «حزب الله» في عين التينة. وحتى اللحظة الأخيرة لم يكن عون قد أعطى موافقته النهائية على هذا الاقتراح (قبل إضافة بند تعيين مدير عام جديد لقوى الامن الداخلي).

وإضافة الى «البند الملغوم» الذي قد يشغّل وساطات جديدة لنزع فتيله، فقد بقيت العقدة الأساسية في الإخراج داخل مجلس الوزراء.

اجتماع الرئيس ميشال سليمان مع كتلته الوزارية صبّ الزيت على نار التسوية العرجاء. فالموقف السلبي الثابت لوزير الدفاع سمير مقبل، أحد وزراء الرئيس الثلاثة، والمعني الاول بالتعيينات العسكرية والترقيات، كرّس وجود عقدة لا يزال الوسطاء يعملون على فكفكتها، خصوصا أن اقتراح الترقية يصدر من وزير الدفاع ليمرّ عبر الامانة العامة لمجلس الوزراء ثم يصل الى طاولة السرايا للتصويت أو التوافق عليه.

وقد ردّت أوساط كتلة سليمان، أمس، ردّا على ما قيل عن ضغوط على «الكتلة»، بالعبارة التالية: «قد يسحقوننا.. لكنهم لن يأخذوا توقيعنا!». وأضافت «لا أحد يمون علينا، ونحن لسنا في جيب السنيورة. الرئيس سليمان لم يفرض على وزرائه شيئا، بل هم يرفضون التوقيع على تسويات تسيء للجيش».

ولم يكن موقف وزير العدل أشرف ريفي سوى نسخة مضادة لموقف «تيار المستقبل» الساعي الى حلّ «يمكن أن يشكّل جزءا من الاستقرار السياسي وصحة العمل الحكومي» كما قال وزير الداخلية نهاد المشنوق أمس.

وقد أكد الوزير الكتائبي سجعان قزي لـ «السفير» أن «موقفنا المبدئي هو التحفّظ على أي خطة لا تحترم معايير التراتبية والأقدمية داخل المؤسسة العسكرية، كما اننا نرفض التسويات السياسية على حساب الجيش. وسنتّخذ قرارنا النهائي ضمن 48 ساعة، وسيكون بالتشاور مع الرئيس ميشال سليمان وكتلته الوزارية، حيث سيكون موقفنا موحدا». مع العلم ان وزراء «اللقاء التشاوري» يرفضون اللجوء الى التصويت داخل مجلس الوزراء.

وفيما جرى تكتم كبير حول اسمَي الضابطين، السنّي والشيعي، اللذين قد تتمّ ترقيتهما الى رتبة لواء الى جانب شامل روكز، فإن جهات معنية تقول إن التسوية، في حال إزالة العقبات المستجدة من أمامها، ستمهّد لتعيينات في المواقع الشاغرة في المجلس العسكري تشمل كلاً من نائب رئيس أركان العمليات العميد محمد جانبيه (شيعي)، والملحق العسكري في واشنطن العميد جورج شريم (كاثوليكي)، وقائد اللواء الثاني العميد سمير الحاج (ارثوذكسي)، فيما سيتمّ الإبقاء على بقية الأعضاء المؤجّل تسريحهم أي رئيس الاركان اللواء وليد سلمان والامين العام للمجلس الاعلى للدفاع اللواء محمد خير، ورئيس المجلس العسكري العماد قهوجي.

وفي حال شمول ملء الشغور في مجلس القيادة، فإن هذا الامر سيتطلّب حصول غربلة لأسماء ضباط جدد يفترض أن يعيّنوا مكان أكثرية من الضباط الذين يعملون بالوكالة (يتألف مجلس القيادة من قادة الوحدات التسع والمفتش العام ورئيس المجلس أي المدير العام).

وتفيد المعلومات أنه كان قد تمّ اعتماد معيار الاختيار لا الأقدمية في ما يتعلّق بالعمداء الثلاثة الذين ستتمّ ترقيتهم الى رتبة لواء، أي الاعتماد على السجل الحربي والميداني للضابط، حيث يتبيّن أن روكز، إضافة الى سجلّه العسكري المعروف، هو الوحيد الذي نال في عام واحد، ضمن رتبته كعميد، سنتين ونصف سنة أقدمية (من أصل أربع سنوات أقدمية حصل عليها خلال مسيرته العسكرية).