Site icon IMLebanon

تعطيل ومماطلة.. في خدمة «قانون الستين»!

هل ستتجاوب القوى السياسية مع «تحذيرات» بري؟

تعطيل ومماطلة.. في خدمة «قانون الستين»!

«لن يكون هناك تمديد للمجلس النيابي، تحت أي عنوان وفي ظل أي ظرف».

ألقى الرئيس نبيه بري هذا الموقف في البحيرة السياسية، لعله يصطاد تجاوباً من قبل القوى السياسية على اختلافها.

هذا الموقف حيّر بعض القوى السياسية، وثمّة تساؤلات تحرّكت في هذا الجانب، حول توقيته الذي صادف بعد الجولة الأولى من الانتخابات البلدية والاختيارية وما أفرزته من نتائج وعبر. وكذلك حول دلالاته والأهداف التي يتوخّاها، أو التي يريد أن يُصيبها. وحتى أن بعض المخيّلات تتحرك لتبيان ما إذا كان هناك رابط ما بين مبادرة بري وبين الحراك الفرنسي الأخير حول رئاسة الجمهورية.

لا جواب في عين التينة على أية فرضيات من خارج السياق، فموقف بري شديد الوضوح وينطلق مما يلي:

ـ رغبة الدفع في اتجاه إجراء الانتخابات النيابية في موعدها الطبيعي قبل انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي في ١٧ حزيران 2017، أي ما بين ١٧ نيسان و١٧ حزيران من العام المقبل.

ـ التحذير من أن عامل الوقت صار أكثر من ضاغط، خاصة أن العمر الفعلي المتبقي للمجلس لا يزيد عن ثلاثة أو أربعة أشهر على أبعد تقدير، وإن تمّ إنتاج قانون انتخابي خلال هذه الفترة، يمكن القول إن البلد بدأ في سلوك المسار الصحيح نحو إعادة بناء الدولة ومؤسساتها.

وفق حسابات بري فإن شهرَي إجراء الانتخابات النيابية يعتبران شهرين ميتين مجلسياً، لا شغل فيهما إلا لإجراء الانتخابات، وتسبقهما ستة أشهر على الاقل، تعتبر ميتة مجلسياً أيضاً اذ لا شغل فيها الا للتحضير للانتخابات. وتبقى الأشهر الأربعة التي يمكن ان تعتبر الفترة المنتجة من الآن ولغاية مطلع الخريف المقبل، ومع هذه الفترة المحدودة تصبح الفرصة المتاحة فيها لإنتاج قانون جديد، محدودة بدورها وثمينة جداً.

ـ محاولة تغليب إرادة التسهيل على «ارادات التعطيل»، وقطع الطريق على المعطلين والمماطلين والمستفيدين كلهم، الذين يعملون ليل نهار على محاولة تحصين قانون الستين بتعطيل الوصول الى بديل، وجعله بالتالي أمراً واقعاً لا مفرّ من الالتزام به.

ـ محاولة إخراج البلد من مقولة «عالستين يا بطيخ»، وحثّ النواب والقوى السياسية على إنتاج قانون عصري، يضع حداً للتوجه الجدي لبعض القوى الداخلية نحو ترسيخ «فيديرالية الطوائف»، التي تشكل العبوة الناسفة لكل البنيان.

ـ تحفيز النواب والقوى السياسية على التعجيل بوضع قانون الانتخاب. وإطلاق رصاصة الرحمة على قانون الستين.

ـ التنبيه الى مكمن الخطر الذي يهدّد بمزيد من التعقيدات في الحياة السياسية، ومن الخلل في بنيان الدولة ومؤسساتها، وما قول بري بأن الانتخابات قد تجري على أساس الستين، الا محاولة دق جرس إنذار لكل القوى السياسية بأنه إن لم يتم تدارك الأمر سريعاً بقانون جديد وعصري، فلن تتكرّر خطيئة الهروب إلى الأمام بالتمديد للمجلس، بل سنكون أمام حتمية الاصطدام بواحد من الخطرين:

الأول، قد يؤدي عدم التوصل الى قانون انتخابي جديد، إلى عدم إجراء الانتخابات النيابية وفق القانون الحالي، وهذا معناه الدخول في الفراغ المجلسي، الى جانب الفراغ الرئاسي والشلل الحكومي، ولن يكون معلوماً كيف سيتم ملء هذا الفراغ.

الثاني، الاستسلام لقانون الستين، وإجراء الانتخابات النيابية على هذا الأساس، وهذا معناه التمديد سنوات، وبالانتخاب، للوضع الراهن بأكثرياته السياسية وأزماته المتتابعة سياسياً واقتصادياً ومعيشياً وعلى المستويات كلها، بالإضافة الى الاحتقانات الطائفية والمذهبية في مرحلة الانتخابات.

يقود ما تقدّم الى السؤال التالي: هل ستلتقط القوى السياسية كرة بري، وتنزل جدياً الى حلبة التشريع وصياغة القانون المثالي؟

ما يتمنّاه بري فقط هو أن تتوفر إرادة التسهيل، ففي هذه الحالة فقط تسهل كل الأمور، وثمّة حلّ جاهز يتمثل بـ «المشروع المختلط» الذي طرحه، ويؤمن التمثيل الصحيح ويراعي هواجس الجميع، وليس بالمشاريع التي لا تراعي إلا المصلحة الذاتية.

ولكن مع طغيان إرادة التعطيل يصبح عبور بحر التعقيدات الكثيرة والكبرى صعباً جداً. ومكمن الصعوبة ليس في مواقف حلفاء بري، بل في أن امكانية التوافق على بديل مثالي للستين معدومة وتبدو مستحيلة، والقوى السياسية في المقلب الآخر متمترسة خلف مواقفها، وتتعاطى مع الموضوع الانتخابي كبذلة تفصل حسب المقاس. فحزب «الكتائب» مع الدائرة الفردية. و «تيار المستقبل» و «القوات اللبنانية» و «الحزب التقدمي الاشتراكي» مازالت متمسكة بمشروعها المختلط بين النسبي والأكثري والمفصل على اساس هدف الحاق هزيمة قاتلة بـ «8 آذار».

وكما ورد في خلاصة اللجنة النيابية التي جوجلت المشاريع الانتخابية.. هذه المشاريع المتناقضة، هي نماذج تُحاط بها ملاحظات لا تنتهي حول القانون الانتخابي، الذي ما زال حتى اليوم، وتبعاً لمواقف القوى، عبارة عن «بيت خراب» غير قابل للإصلاح وغير قابل للتسوية.