مع دخول الحرب في جنوب لبنان شهرها الخامس، يغيب أي إحصاء رسمي لعدد النازحين المعوّقين في مراكز الإيواء. إذ إنّ «غالبية المعوقين الذين نزحوا إلى هذه المراكز سرعان ما غادروها لعدم جهوزيّتها لاستقبالهم»، وفقاً لرئيسة «الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوّقين حركياً» سيلفانا اللقيس، بعدما جال فريق من الاتحاد على مراكز الإيواء في صور والنبطية.الحرب الجارية حالياً «بروفا» لحرب شاملة، إن وقعت، وهي تكشف فشل الحكومة في إدارة الأزمة، وخصوصاً في ما يتعلق بذوي الاحتياجات الخاصة، وهو ما اعتاده الأشخاص المعوّقون تاريخياً «من أذى نفسي رافق نزوحنا المتكرّر جراء الاعتداءات الإسرائيلية، لشعورنا بأننا عبء على من حولنا»، بحسب الناشط في مجال الإعاقة، ابن بلدة الخيام، إبراهيم عبد الله، مشيراً إلى أنه في عدوان تموز عام 2006، «كنت مسؤولاً عن النازحين المعوّقين إلى منطقة الشمال. وصادفتنا حالات عدة نسي فيها معوّقون أجهزتهم أثناء الفرار، من بينهم شخص من ذوي الإعاقة الحركية لم يسمح له السائق الذي أوصله باصطحاب كرسيّه المتحرك لأنها تتطلب مقعداً إضافياً».
من جهتها، أسقطت الحكومة ذوي الإعاقة من حساباتها تماماً عندما وضعت خطة طوارئ نهاية تشرين الأول الماضي لتنسيق مواجهة مخاطر الحرب. إذ قسّمت الفئات المستهدفة إلى نازحين في مراكز الإيواء، وفي شقق خاصة، والمجتمع المضيف لهم، من دون إغفال اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين والعمال الأجانب. وحدهم المعوّقون غُيّبوا، فلم تُخصَّص لهم مراكز نزوح مجهزة لاحتياجاتهم، ولا وسائل نقل تؤمن وصولهم الآمن إليها، أو إعلام دامج يتيح وصولهم إلى المعلومات حول مراكز الإيواء المناسبة، ولم تأتِ الخطة على ذكر الخدمات الصحية والأجهزة والأدوات والفرق المدربة التي يحتاجونها.
عزل المعوّقين عن خطة الطوارئ، رغم تعرضهم لمخاطر إضافية أثناء الحروب والنزاعات ربطاً بعدم استقلاليتهم في الحركة وقرار النزوح، وتحديات الوصول إلى أماكن النزوح والتكيّف معها، جاء بعد مدة وجيزة من مصادقة مجلس النواب على «الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص المعوّقين»، التي تنصّ في المادة 11 على «تعهّد الدول الأطراف باتخاذ التدابير كافة لضمان حماية وسلامة الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يوجدون في حالات تتّسم بالخطورة، بما في ذلك حالات النزاع المسلّح والطوارئ الإنسانية والكوارث الطبيعية».
في 23 كانون الأول الماضي، نظّم «الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوّقين حركياً» بالشراكة مع «المنتدى العربي لحقوق الأشخاص المعوّقين» ورشة عمل، بهدف التوصّل إلى «خطة طوارئ دامجة وواقعية غير نظرية تشمل الجميع». وخرج المجتمعون بتوصيات، أهمها: «ضرورة تأمين أماكن نزوح مجهّزة، والوصول إلى المعلومات حولها، وتوفير الوسائل اللازمة للوصول إلى مراكز الإيواء، وتشكيل فرق مدرّبة تمتلك القدرات والوسائل لتلبية حاجاتهم في أماكن النزوح». في الورشة، أبدى وزير البيئة ناصر ياسين، المكلّف تنسيق خطة الطوارئ، استعداداً للأخذ بهذه التوصيات بجدية وتعديل خطة الطوارئ للاستجابة لاحتياجات المعوقين.
غالبية المعوّقين الذين نزحوا إلى مراكز الإيواء غادروها لعدم جهوزيّتها لاستقبالهم
فيما ترى اللقيس أنه «قبل تعديل خطة الطوارئ، هناك ضرورة لإنشاء وحدة دائمة ومتخصّصة لدمج الإعاقة داخل هيئة إدارة الكوارث، يكون لديها نقاط ارتكاز في مختلف المناطق، وتربط بين القرارات الإدارية والعمليات الميدانية بما يحفظ حقوق ذوي الإعاقة أثناء حالات الطوارئ»، لافتة إلى أنّ «تعديل الخطة من دون هذه الوحدة يبقى حبراً على ورق». ويشمل دور الوحدة «توفير البيانات اللازمة حول مكان تواجد المعوّق لتمكين العاملين في فرق الطوارئ كالصليب الأحمر والدفاع المدني من إنقاذه، وضمان حصول المعوقين باختلاف أنواع الإعاقة على الوقاية والإرشاد والتوجيه من خلال إعلام دامج، ولا سيما على المواقع الإلكترونية الخاصة بالجهات المعنية بالطوارئ». وأشارت اللقيس إلى أنها تلقّت وعداً من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي «بمتابعة مطلب استحداث الوحدة في أقرب وقت ممكن»، فيما تنتقد غياب وزارة الشؤون الاجتماعية عن قضية النازحين المعوّقين والخطة الدامجة، مشيرة إلى أن الوزير هيكتور حجار «انزعج بسبب دعوته إلى ورشة العمل كضيف شرف، فيما أوكل إلى وزير البيئة إلقاء الكلمة». وسألت: «هل مسؤولية حجار تجاه المعوقين إلقاء كلمات أم تسوية أوضاعهم؟ أضعف الإيمان تحرير البيانات حول انتشار المعوّقين بما يسهّل الوصول إليهم وإنقاذهم».