IMLebanon

تعطيل الدولة لا يصنع من “حزب الله” دولة

والآن الى المراهنة على روسيا لإخراج ملف انتخابات الرئاسة اللبنانية من جمودها. لا لشيء وإنما لأن الرئيس فلاديمير بوتين استقبل الرئيس سعد الحريري في الكرملين، ما أثار استياءً في أوساط “حزب الله” والتيار العوني. فالاميركيون والاوروبيون يقولون صراحةً إن روسيا هي التي تقود في سوريا، وبما أن الوضع اللبناني مرتبط بهذه الأزمة، فالأجدى أن تُراجَع موسكو، بدلاً من باريس مثلاً، طالما أنها ترتبط بتنسيق قريب مع طهران وتعمل على تطوير علاقتها مع الرياض. ورغم أن موسكو اعتمدت موقفاً معقولاً من الأزمة اللبنانية، خلافاً لمواقفها من الصراع في سوريا، إلا أن استمزاجها لطهران مراراً أحالها ويحيلها، تهرّباً أو خداعاً، الى “حزب الله” وأمينه العام. وهذا الأخير مرتبط بالمرشد و”الحرس الثوري” اللذين تركا له بتّ ملف الرئاسة، وفقاً لحساباته، لكن أيضاً وفقاً للمصلحة الايرانية.

هذه “المصلحة” هي التي ترغم لبنان واللبنانيين على الانتظار، فإيران و”حزب الله” غير مطمئنين ولا مرتاحين الى أن الدور الروسي في سوريا يسير وفقاً لتمنياتهما. ليس فقط بسبب الخسائر البشرية التي تكبّداها في الشهور الأخيرة، بل خصوصاً لأن روسيا تجاوزت الادارة الثنائية (مع ايران) ونأت عن الخطط التي تبنتها في بداية تدخلها (حسم عسكري للصراع، تحالف اقليمي رباعي ضد الارهاب…)، والأهم أنها واصلت تطوير تفاهماتها مع الولايات المتحدة بشأن سوريا. يضاف الى ذلك أن موسكو تواصل التقارب مع الرياض، فيما يتصاعد الصراع السعودي – الايراني ويكتسب حدّةً خاصةً بالتركيز على “حزب الله”، رأس حربة الأدوار الايرانية في المنطقة.

هذا يضع “الحزب” في موقع ملتبس مع انخراط الدول في مساوماتها. ومنطق “الحزب” يقول ان انتصار ايران في سوريا يعيده الى لبنان منتصراً فارضاً شروطه. سيحرص الروس والاميركيون على إرضاء ايران، لكنهم لن يلبّوا كل مطالبها وشروطها، تحديداً في ما يتعلّق بوضعية “حزب الله”. فحتى روسيا تعاملت معه في سوريا على أنه ميليشيا ايرانية وليس “حزباً”، واذا كانت ايران تدعم تعطيله الدولة اللبنانية فهذا لا يجعل منه “دولة” ينبغي أن تؤخذ مصالحها في الحسبان. وأي حلول لأزمات الاقليم لن تنجح اذا انزلقت الى “شرعنة” الميليشيات الايرانية وهيمنتها على الدول، ولا مستقبل لهذه “الأحزاب”/ الميليشيات إلا داخل بلدانها ومجتمعاتها وليس في بقائها في خدمة المشروع الايراني.

اذا كان البحث الجاري عن حل سياسي في سوريا ينشد التوازن بإعطائه حصّةً الى “تيار النظام” وليس الى “شبّيحته”، فهل أن حلّاً كهذا (وهو يمثّل حدّاً أدنى من طموحات المعارضة) يمكن أن يناسب ايران وأتباعها، أو يستأهل أن يصرّ “حزب الله” على خياراته الغبيّة في لبنان؟ بالطبع لا، لذا تبقى المراهنة الايرانية على استمرار الصراع في سوريا، في انتظار تغيّرات أكثر ملاءمة، لكنها لن تأتي.