يتوالى مسلسل التعطيل الحكومي، فلا يوجد أي مسؤول يستطيع أن يحدّد متى ستُعقد جلسة لمجلس الوزراء، أو متى ينتهي “الكباش” على خلفية أحداث الجبل.
دخلت الحكومة اللبنانية في فترة استراحة يتمنّى الجميع ألا تطول، فلا الملفات العالقة قادرة على الإنتظار، ولا أوضاع البلد المالية والاقتصاديّة تحتمل “دلع” التأجيل، فيما الهلع يسيطر على المواطن كلما سمع عن أي مؤشّر اقتصادي “هابط” أو أي خبر سلبي.
وعلمت “نداء الوطن” أنه بعد التقارير الاقتصادية السابقة، فإن لبنان على موعد جديد مع تقرير S&P المالي في شهر آب المقبل، والذي سيعطي أرقاماً ووقائع عن الوضع المالي اللبناني. وتشير المعلومات الى أنّ التقرير لن يكون إيجابياً بل سيعطي الصورة الحقيقية عن الأوضاع المالية والاقتصادية الصعبة التي يعيشها لبنان، وهذا الأمر سيُثير مزيداً من المخاوف في الأسواق، خصوصاً أن بداية الصيف لم تكن مشجّعة، وقد افتُتحت بأحداث عاليه وما رافقها من توتير سياسي وأمني عطّل عمل المؤسسات وعلى رأسها مجلس الوزراء. كذلك، فإن السياحة تأثّرت في مكان ما بأحداث عاليه خصوصاً أنها منطقة اصطياف، ومعلوم مدى الارتباط بين الأمن والسياحة على رغم التطمينات التي أعطاها وزير السياحة أواديس كيدانيان، والقول إن السياحة لم تتأثّر بالأحداث الأخيرة.
ومع استمرار تعطيل عمل الحكومة يطرح عدد من القوى السياسية أسئلة عدّة عن هدف التعطيل، ولماذا “يُعنّد” فريق العهد بشكل خاص ويصرّ على إحالة قضية أحداث قبرشمون الى المجلس العدلي؟
ويعلم فريق العهد أن الحزب “التقدمي الإشتراكي” لن يقبل بتاتاً بإحالة أحداث عاليه إلى المجلس العدلي، ويسانده في هذا المطلب حلفاؤه وحتى بعض القوى التي ليست في خطّه السياسي، وبالتالي فإن الحكومة مهدّدة بالانفجار من الداخل في حال إصرار رئيس الحزب “الديموقراطي اللبناني” النائب طلال إرسلان على موقفه، ومساندة كلّ من “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” لهذا الموقف.
وفي سياق تطوّر مسار الأمور، يسأل الفريق الثاني عن الأهداف الباطنية لفريق “العهد” و”حزب الله”، وهل يمكن أن تكون هذه التصرفات مقدّمة للإنهيار المالي الذي سيضرب الجميع من دون استثناء؟
ويشرح مطّلعون أن الوضع المالي والاقتصادي دقيق جداً، وهناك عهد قاربت ولايته الوصول الى منتصفها، وكان يرفع شعار “التغيير والإصلاح”، وما يُثير المخاوف هو ما إذا كان القيّمون على الوضع من فريق “8 آذار” قد استسلموا بعدما اكتشفوا أن الوضع بات معقّداً ولا يمكن إنقاذه، فباشروا بالتعطيل للقول إن هذا التعطيل هو الذي أوصل البلاد الى الإنهيار.
ومع استمرار فريق “التيار الوطني الحرّ” و”حزب الله” في التعطيل، والأخيران يمثّلان معظم السلطة الفعلية، تنطبق هذه النظرية على ما يحصل، إذ أن فريق “8 آذار” عطّل العام 2006 عمل حكومة الرئيس فؤاد السنيورة التي اعتبرها خصماً له وطالب بالثلث المعطّل، أما الآن فالتعطيل هو استنزاف للعهد وللبلد على حد سواء. وفي هذه الأثناء، أبدى عدد من السفراء، ولا سيما سفراء الدول الأوروبية، انزعاجهم من توتّر الوضع في لبنان والعودة الى لغة المتاريس والاصطفافات السياسية، خصوصاً بعدما ترافق التوتر مع تعطيل جلسات مجلس الوزراء، وهذا الامر يُصبح خطِراً لأن البلاد تحتاج الى حلول عملية، وهذه الحلول لا تتم إلا عبر اجتماعات مكثّفة لمجلس الوزراء وبقية مؤسسات الدولة.
ويربط السفراء بين الوضع السياسي في البلاد وتعطيل جلسات مجلس الوزراء والبدء بتنفيذ مندرجات مؤتمر “سيدر”، وحسبما صار معلوماً فإن الاموال المرصودة من المؤتمر المذكور لن تدخل حيّز الصرف إذا لم تترافق مع خطوات جريئة وكبيرة تُعيد انتظام المالية العامة للدولة، وتُحقّق الإصلاحات المنشودة التي يُطالب بها المجتمع الدولي مثلما يُطالب الداخل بها أيضاً. ويبدو أن الأفق السياسي غير واضح، فيما فريق “8 آذار”، وخصوصاً بعد الكلام الأخير للأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله، يبدو مصراً على موقفه المعطّل لعمل الحكومة والذي يزيد البلد شللاً.