IMLebanon

مساوئ خروج بريطانيا من أوروبا

غداً يقرر الشعب البريطاني إذا كان يريد البقاء في الاتحاد الأوروبي أو الخروج منه. وتظهر استطلاعات الرأي بعد اغتيال النائبة جو كوكس من حزب العمال، والتي كانت تدافع عن بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، تقدماً طفيفاً لمؤيدي بقاء بريطانيا في الاتحاد بعد أن كان تراجع لمصلحة خروجها منه. فبريطانيا منقسمة حالياً بين مؤيدي البقاء في الاتحاد الأوروبي الذين يدركون أهميته كونه أكبر سوق للسلع البريطانية وبين الذين يتخوفون من هجرة متدفقة الى أوروبا وهؤلاء على قناعة أن بقاءهم في الاتحاد يفقدهم سيادتهم لمصلحة كبار موظفي بروكسيل وهو أمر ساذج وغير صحيح، فبريطانيا لم تدخل يوماً اتفاقية شنغن الأوروبية التي ألغت الحدود بين عدد من الدول الأوروبية، كما أن بريطانيا بقيت على عملتها ولم تعتمد اليورو. وعشية الاستفتاء تظهر بريطانيا منقسمة جداً إزاء البقاء أو الخروج.

من الصعب توقع النتيجة. ولكن في حال انتصر مؤيدو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فستكون لذلك تداعيات كبرى على الصعيد السياسي للمملكة المتحدة وأيضاً لأوروبا مع نتائج سلبية على الاقتصاد البريطاني. وإذا خرجت بريطانيا ستضعف وحدة الصف في الغرب ويتراجع تأثير الصوت البريطاني في صراعات تهم الاتحاد الأوروبي، وفي طليعتها مشكلة الهجرة وأزمة أوكرانيا والصراعات العربية مثل ليبيا وسورية. واحتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد يؤدي إلى بداية تفكك في الاتحاد ويدفع الأحزاب الشعبوية اليمينية المتطرفة في دول عديدة إلى الهيمنة على الحياة السياسية في دول مثل فرنسا حيث مارين لوبن ومؤيدوها يدعون إلى الخروج من أوروبا ومن اعتماد اليورو. والخطر أن العدوى ستنتقل إلى دول أوروبية أخرى. وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد يؤدي إلى سنوات جدل داخل دول الاتحاد حول شروط الانفصال البريطاني عن أوروبا. أما على الصعيد الاقتصادي، فوفق بعض المحللين الاقتصاديين مثل شركة «برنشتين» للبحوث أن خروج بريطانيا من الاتحاد سيؤدي إلى انهيار أسعار العقارات بنسبة ٣٠ في المئة في حين أن وزير المال البريطاني جورج أوزبورن قدّر تراجع هذه النسبة إذا خرجت بريطانيا بـ ١٠ إلى ١٨ في المئة. و «برنشتين» تتوقع تدهور القطاع المصرفي البريطاني في مثل هذه الحالة لأن المؤسسات التي تقرض الناس لشراء بيوتهم ستتأثر سلباً. وتشير تحاليل «برنشتين» الى أن المصارف الكبرى في بريطانيا تعمل بشكل كبير في سوق الرهن العقاري.

تظهر إحدى مؤسسات استطلاع مواقف الأوروبيين تدهوراً في نسبة التأييد الشعبي للاتحاد الأوروبي كما هو الحال في فرنسا. ومما لا شك فيه أن الهجرة وقضايا الإرهاب التي ارتبطت بـ «الدولة الإسلامية» والتطرف الإسلامي لعبت دوراً كبيراً في التأثير على نسبة من الشعب الفرنسي الذي يخلط قضية الإرهاب بالإسلام الى درجة أن نائبة فرنسية من الحزب الجمهوري الذي يمثل اليمين المعتدل انتقدت وزيرة التربية بالقول إن «اللغات الطائفية في البرامج المدرسية من شأنها أن تسيء إلى وحدتنا الوطنية»، في إشارة إلى إدخال تعليم اللغة العربية في المناهج العامة.

إن الحرب في سورية وليبيا والعراق والأوضاع الاقتصادية والأمنية في عدد من الدول العربية والأفريقية دفعت إلى تدفق اللاجئين إلى الدول الأوروبية مع مشاهد مأسوية لمراكب في البحر محملة بالأولاد والنساء والعائلات الفارة من بلدانها. فالشعوب الأوروبية أصبحت متأثرة بالخطاب اليميني المتطرف الرافض إلغاء الحدود بين دول الاتحاد، علماً أن مكسب الاتحاد هو أكبر بكثير للاقتصاد والسياسة في جميع دول أوروبا. فظاهرة رفض الشعوب الأوروبية الاتحاد وعاصمته بروكسيل قد تزداد إذا خرجت بريطانيا منه. وقرار الشعب البريطاني بالبقاء، إذا تم، سيكون لمصلحة أوروبا وشعوبها.