Site icon IMLebanon

الخلاف … والاختلاف

كانت الموافقة العربية على مبادرة وزير الخارجية الأميركي رودجرز تعبيراً رسمياً عن قبوله الهزيمة أمام اسرائيل.

وتكرس الهزيمة بالموافقة على معاهدتي كامب ديفيد.

وهكذا انهارت ثقافة التشاوف القومية التي رسخها جمال عبدالناصر، قبل حرب العام ١٩٦٧.

لكن شيوع شعار الانهزام كان نهاية لثلاثة أمور:

انهزام اليسار أمام اليمين.

سقوط الاشتراكية تجاه الرأسمالية.

تراجع الدين في وجه التطرف الديني.

وبين هذه الأمور، برزت هزائم التسامح والخُلق والتعقل، فيما هبّت سطوة السفالة والأحقاد والجهل.

آخر مصطلحات العصر الحديث، التنويه بوجود خلاف في بعض الأمور، وبين الأصدقاء في وجه الخلاف في الرأي.

كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ينوّه دائماً بدور الزعيم الآسيوي مهاتير محمد، في التفرقة بين الصهيونية واليهودية، حسب تصوره الشخصي في مؤتمر القمة الاسلامية في لاهور.

يومئذٍ، قال مهاتير محمد، في خطابه الافتتاحي للقمة في ماليزيا العام ٢٠٠٣ إن العالم ينبغي له عدم السماح لليهود في السيطرة على أغلب الدول القوية في العالم.

ولاقاه البطريرك الأرثوذكسي الراحل اغناطيوس الرابع هزيم، بقوله إن لبنان وفلسطين بلدان أساسيان للعقل، في وجه اسرائيل الممعنة في التصلب.

ووجد البطريرك هزيم، في فلسفته تعارضاً أساسياً مع الصهيونية.

إلا أن مهاتير محمد تعرّض لحملة سياسية، اضطرته الى الانسحاب من العمل السياسي، واختيار التقاعد المبكر.

وما يواجهه لبنان الآن، في المعركة الرئاسية، مغاير بصورة عامة لطبائع المفكرين السياسيين.

وثمة أفكار متطرفة في التطيّف، تطفو على وجه الأحداث المتسارعة، وتخلو من التعقل.

وذلك، سببه ردود الفعل المتسرعة على مواقف متسرعة أيضاً، قادت الى هذه الحرتقات المنافية للموضوعية الفكرية للمناقبية الذهنية.

ولعل المحاولات الشجاعة، لكبح جماح الأفكار المذهبية والتكفيرية، حَرِيّة بالدرس، لأن التطرف منافٍ للدين، وليس ثمة دين يقبل بالتطرف، الى أي مذهب انتمى.

طبعاً، لا يفيد الناس، نكران العيوب، لكن من المهم درسها، ومواجهتها بالنقاش لا بالحراب.

ولعل الأصالة في المناقشة، هي البديل من صوت التطرف الأعمى.

وما الحرب الدولية على داعش الا صورة عن هذه المعاناة.

ولو بادر العالم، بعد أحداث العام ٢٠٠١، والهجوم بالطائرات واقتحامها على مشهد من العالم، الى محاربة التطرف الديني، لما أمعن في تحقيق غايات وأهداف منافية للخلق، ومعارضة للأديان، باسم الأديان.

كان نلسون مانديلا، وهو على أبواب المائة عام، يدعو الناس الى اعتماد العلم، في اجتذاب العالم الى مناقشات جريئة.

رحل أكبر مناضل في سبيل الانسانية الواعية والواعدة، ولم تصدر عنه كلمة نابية بحق أحد. وهذه هي قوته.