تتوسّع الهوة بين وزير الدّفاع موريس سليم، وقائد الجيش العماد جوزيف عون. وفشلت كل المبادرات الآيلة إلى تقريب وجهات النّظر بين الطّرفين في ظلّ تمسّك سليم بصلاحياته، واعتقاد القائد بإمكانية القفز فوقها. وعليه، يبقى مصير مباراة الدّخول إلى الكلية الحربيّة والتي نجح بموجبها 118 مرشحاً، مجهولاً، مع إقفال قيادة الجيش الأبواب أمام الحل الوحيد الذي طرحه سليم في فتح دورة ثانية يُتيح إدخال العدد المطلوب الذي وافقت عليه الحكومة سابقاً (173 تلميذاً ضابطاً)، حتّى يقوم بالتوقيع على النتائج تمهيداً لإعلانها. ويُعلّل وزير الدّفاع رفضه التوقيع، بحصول «خروق» رافقت عمليّة الإعلان عن فتح المباراة، بالإضافة إلى اعتباره أنّ “النتائج لم تراع كلها المعايير والأسس الواجب توافرها”.ولأنّ الحلول غير مُتاحة، قرّرت لجنة الدفاع النيابيّة الدّخول على الخط بمبادرة من رئيسها النائب جهاد الصمد والنائب جميل السيّد، وبعدما استمعت اللجنة قبل أسبوعين إلى رأي سليم، وجّهت الدعوة إلى عون لحضور جلسة أمس الأوّل. ولكن تلبية الدّعوة لم تأتِ بسهولة، بعدما رفض قائد الجيش الرد على اتصالات الصمد، ما دفع رئيس مجلس النوّاب نبيه بري إلى التدخّل. وقد حضر “القائد وسط طوقٍ أمني ضُرب حول مقر مجلس النوّاب، وقاد نقاشاً لم يخلُ من لغة فوقية استفزّت كثيرين من النواب الحاضرين، في معرض تفنيده ما يُسميه «إجحافاً» بحق الناجحين، ما أدى إلى سفر بعضهم خارج البلاد. ولم تُسعف الوساطات التي قام بها بعض المقربين من عون مع أعضاء اللجنة، لمناصرته، بل اقتصر الأمر على حضور النائب وائل أبو فاعور إلى الجلسة.
«قلّة المناصرين»
وهي من المرّات القليلة التي يحضر بها الرجل إلى جلسة «الدّفاع»، للإشارة إلى «المُخالفات» التي يقوم بها سليم. في العلن، قصد أبو فاعور تأييد قائد الجيش، وبين السّطور كان الأمر يتعلّق بتثبيت تعيين رئيس الأركان. والتأييد نفسه تلقّاه القائد من النائب وضاح الصادق.
فيما كانت مُداخلات النوّاب: حليمة قعقور وعلي حسن خليل وجهاد الصمد «متّزنة»، على حد تعبير زملائهم، الذين أشاروا إلى أنّهم حاولوا طرح مخارج للأزمة الواقعة من دون تسجيل مواقف. وركّز السيّد في مداخلته، على «أزمة الصلاحيات» التي تُعاني منها جميع الأجهزة الأمنيّة، والتي كان آخرها الخلاف بين وزير الدّاخلية والمدير العام لقوى الأمن الدّاخلي اللواء عماد عثمان، قبل أن يتدخّل مفتي الجمهوريّة الشيخ عبد اللطيف دريان لحلّها. وشدّد السيّد على أنّ «لجنة الدّفاع تُحاول إيجاد المخارج لهذه الأزمة لأن الأمر يتعلّق بمصير الناجحين، علماً أن لا صلاحية لها بذلك»، مذكّراً بالحل المطروح بإمكانيّة فتح دورة ثانية.
عون لنواب لجنة الدفاع: لا لأنصاف الحلول وعلى سليم التوقيع على نتائج الكلية الحربيّة
ويُشير نواب إلى أنّ اللقاء مع عون بدأ ودياً، قبل أن يتحوّل إلى «استعلائي وهجومي»، حينما أصرّ على أنّه لن يسير بأنصاف الحلول، بل ما يُريده هو أن “يوقّع الوزير على النتائج ويُعلنها، ونقطة على السّطر”.
حينها، بدت الأمور متّجهة إلى التصعيد، ليتدخّل الصمد ويُعلن استكمال الجلسة من دون عون لأنّ «القائد مرتبط بمواعيد أُخرى»، مُتلافياً بذلك إشكالاً كان سيقع بين عون والنوّاب. سريعاً، فهم عون الرسالة ليخرج من القاعة قبل أن يصر على أن يرمي السلام بحرارة، على 5 نواب: أبو فاعور، قعقور، قاسم هاشم وعدنان طرابلسي.
انتداب نُهرا
من جهة ثانية، ينتظر المتابعون أن يشتد الخلاف بين سليم وعون، بفعل إصرار الأخير، بالتعاون مع وزير الدّاخلية بسام مولوي، على انتداب مدير العمليّات في الجيش العميد جان نهرا إلى وزارة الدّاخلية لتولي وظيفة إداريّة، وذلك قبل أيّام قليلة من إحالته على التقاعد الأربعاء المقبل، تمهيداً لتعيينه في بداية السنة المقبلة مديراً عاماً للدفاع المدني خلفاً للعميد ريمون خطار.
ومن المفترض أن يكون كتاب الإحالة المُرسل من المولوي قد وصل إلى سليم، مرفقاً بمشروع قرار (اقتراح) أعدّته قيادة الجيش في هذا الإطار، على غرار قرار الانتداب الذي صدر في عام 2020 لنقل العميد محمد الشيخ من الجيش إلى مكتب وزير الدّاخلية آنذاك محمّد فهمي.
وتؤكّد مصادر متابعة أنّ مولوي أقرّ أمام سائليه بعدم مشروعيّة هذا الانتداب لكوْنه لا ينطبق مع حالة نهرا، في ظل عدم ذكر قانون الدّفاع لأي شروط تتعلّق بالانتداب أو النقل من سلكٍ إلى آخر. ولذلك، كان الاستناد إلى المرسوم الاشتراعي الرقم 112 والصادر في عام 1959 عن نظام الموظفين، وتحديداً الفصل التاسع منه والمتعلّق بالانتداب، في حين أن المادة 47 تنص صراحة على «ضرورة موافقة مجلس الخدمة المدنية» وعلى «موافقة الوزارتين المختصتين. وتقرر الانتداب إلى السلطة التي لها حق التعيين»، بالإضافة إلى استناد كتاب «الدّاخلية» إلى المرسوم 6987 الصادر في عام 2001 والمتعلّق بـ«حفظ وظيفة مدير عام الدّفاع المدني لقدماء رجال الجيش وقوى الأمن الدّاخلي والأمن العام».
في المقابل، لا يبدو أن سليم في وارد الموافقة، مؤكّداً «عدم نيّته التوقيع على قرارات انتداب بطرقٍ لا تُراعي القانون، والسيْر بأعرافٍ تناقضها، باعتبار أنّ شروط الانتداب لا تنطبق على نهرا». كما فشلت
محاولة تمرير المرسوم في جلسة مجلس الوزراء المقبلة، ولم يتم إدراج هذا البند على جدول الأعمال. كما لم تصل الاجتهادات القانونيّة المطروحة إلى نتيجة. ومن بين هذه الاجتهادات، اللجوء إلى المادة 55 من قانون الدفاع الوطني التي تنص على تأجيل التسريح «إذا كان في وضع اعتلال لم يبتّ به، وفي هذه الحالة يبقى بصفته السابقة حتى صدور مقررات اللجنة الصحية»، فيما اصطدم هذا الطرح برفض نهرا.