ربما تعوّد اللبنانيون على مناورات الرئيس امين الجميل وعدم وضوح موقفه حيال قضايا عدة، والان يتأقلمون مع ابنه سامي الذي اصبح رئيس الحزب، والذي يمضي على خطى والده بالمواربة في المواقف، وباتخاذ مواقف رمادية اللون، لا يعرف خيرها من شرها وآخرها كان التسوية التي قضت بان ينتخب سليمان فرنجية رئيسا. الكتائب برئاسة سامي لم تدلِ بموقف واضح وصريح حيال التسوية فلم يعلم الشعب والكتل السياسية اذا كانت الكتائب ستصوت لفرنجية ام انها لن تصوت له، واذا كانت تعترض على فرنجية ام تؤيده، بيد ان الشيخ سامي الجميل يلعب على التناقضات في مواقفه فيقول «مع فرنجية ومع مجيئه رئيسا ولكن بشرط الاتفاق على اسس عدة». بذلك يكون قد اختار الاستمرار بالمناورات ريثما تتوضح الامور على الساحة اللبنانية والاقليمية والدولية، لكن هل سامي الجميل هو وحده من يقرر اتجاه الحزب؟
نديم بشير الجميل يعترض علناً على وصول سليمان فرنجية الى سدة الرئاسة، اذ يعتبر ان ذلك هو بمثابة هدية قيمة للنظام السوري بقيادة الرئيس بشار الاسد، ولذلك تجري داخل حزب الكتائب بلبلة وخلافات غير علنية حول قبول سامي الجميل ضمنيا بفرنجية، دون ان يبوح بذلك. كما ان هناك كتائبيين كثراً لا يرضون بأن يصوت الحزب لصالح فرنجية خصوصا انه حليف سوريا الاسد. ونديم الجميل قال سابقا انه لن يصوت للعماد عون فما الحال اذا كان فرنجية مرشحا للرئاسة؟
صحيح ان سامي الجميل فاز برئاسة حزب الكتائب، الا ان الحزب يعاني من التصدع الداخلي والتشرذم في صفوف اعضائه المنتسبين وفي صفوف مؤيديه، فالبعض موال لسامي، فيما البعض الاخر موال لنديم. فلا ننسى ان تجاذبا حصل بين سامي ونديم عند تعيين ايلي نصار الملقب «ابو شادي» رئيساً لقسم الكتائب في الرميل – بيروت، فالامر لاقى رفضا شديدا من النائب نديم الجميل وانعكس ذلك في الشارع ما ادى الى اشكال بين مؤيدي نديم ومؤيدي سامي. كما لا ننسى امتعاض نديم الجميل من سيطرة سامي الجميل على الحزب وابعاد مناصرين لنديم، كما ابعاد كل من يعارض سياسة سامي في الحزب.
والان، يعيش الكتائبيون توترا وتجاذبا بين نديم وسامي حول التسوية وترشيح سليمان فرنجية، فالى متى سيظل الجمر تحت الرماد؟ وأي «قشة ستقسم ظهر البعير»؟ فلا الصور المأخوذة سويا لنديم وسامي تغرر عقول اللبنانيين بان لا خلاف بينهما، ولا الابتسامات لبعضهما البعض تبعد شبهات التجاذب الحاصل بين الكتائبيين. من هنا، من يعوّل على حزب الكتائب على اساس انه حزب واحد متضامن متماسك يكون مخطئأ في تقديره للامور وبالتالي اذا كان التيار العوني و«القوات اللبنانية» يعتمدان على ضم حزب الكتائب الى صفهما، فيجب ان يحددا عن اي جهة كتائبية يتحدثان، لأن نديم في صفهما، فيما السامي في قرارة نفسه في الصف المعاكس.