استفحل الخلاف بين تيارالمستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي على سبب ظاهرة، نقل موظفة في وزارة التربية من كوادر التيار، من مركزها بايعاز من الوزير الموالي للحزب، بحجة ملاحقة قضائية لم تدان فيها،والتشفي من موظفة أخرى لانتمائها السياسي للاول، الى قطيعة بين زعيم تيار المستقبل سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط، لم يسبق أن حصلت على مستوى تغيُّب الاخير عن مناسبة احياء ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري،منذ جريمة الاغتيال الإرهابية في شباط ٢٠٠٥، وزيارته للحريري في بيت الوسط.
يبدو للوهلة الاولى أن مشكلة خلاف على موظف او موظفة، في موقعها على هذا المستوى بالوزارة، او خارجها يمكن حلها او تجاوزها، استنادا إلى العلاقة التي تربط بين الطرفين، لا ان تؤدي إلى تردي العلاقة بينهما إلى حد التباعد والقطيعة الحاصلة حاليا.
فهي بالاساس، ليست مشكلة على هذا القدر من الأهمية، تستوجب هذه الحدة من الخلاف بين التيار والحزب، والتدحرج نحو الإجراءات والتدابير الكيدية بالوزارة، والتراشق بالبيانات والاتهامات،التي وصلت إلى حد قول الحريري خلال لقاءاته الشعبية خلال وجوده في بيروت مؤخرا «اننا لن نسكت بعد اليوم على محاولات التضييق على الاشخاص المحسوبين على التيار بالدولة وخارجها».
لماذا وصل الخلاف بين الطرفين إلى هذا الحد بخصوص هذه المشكلة الثانوية،في هذا الوقت الذي يواجه لبنان مشاكل وقضايا أكثر اهمية، وهي تتطلب تضافر الجهود والمساعي من كليهما، لمواجهتها وإيجاد الحلول المطلوبة لها؟
هناك من يعتقد أن مقاربة التيار والحزب، لهذه المشكلة،كانت خاطئة منذ البداية، وكان بالامكان وضعها في حجمها الطبيعي ومعالجتها بهدوء، وتفادي الانزلاق الى خلاف ابعد من حجمها، وتحويلها إلى خلاف سياسي بين الطرفين، بينما يعتبر اخرون أن جنوح الوزير لاجراءات تجميد مهام وتعيين بديلين، بدعم سياسي ملحوظ من مرجعيته السياسية، كانت لاجل ابعاد الموظفة المذكورة عن موقعها،بدافع سياسي لتغيير تركيبة الوزارة لمصلحة هذه المرجعية السياسية والحزبية، مستغلا غياب التيار عن السلطة ووجود الحريري في الخارج.
سبق وان حصل خلاف أكثر حدة بين الحريري وجنبلاط، بعد انقلاب الاخير على تحالف ١٤ اذار، وتاييده ترشيح نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة بتزكية من حزب الله وحلفائه في عام ٢٠١١، وتم تجاوزه بمصالحة بعد ذلك. ويبدو ان وراء تصعيد الخلاف الحاصل بسبب الإجراءات والتدابير الكيدية لوزير التربية ضد الموظفتين المواليتين للتيار، اسباب تتخطى ما حكي عن التجاوزات المسلكية والاتهامات الموجهة اليهما واسناد موقعهما لبديلين عنهما، ولها علاقة بتوتر العلاقات بين رئيس تيار المستقبل وجنبلاط، على أمور ومسائل سياسية وامور غير معلنة،ليس اقلها قيام الحريري بتعليق عمله السياسي، واحجامه عن خوض الانتخابات النيابية الاخيرة، والا لما كان لهذا الخلاف أن يأخذ مداه إلى القطيعة بين الطرفين في هذا الظرف بالذات.