كشف وزير سابق، أن المناخ السياسي الداخلي ما بعد قمة بيروت الأخيرة، أسوأ من المناخ الذي ساد عشية انعقاد هذه القمة، وبشكل خاص على مستوى تأليف الحكومة، حيث أن وتيرة الخلافات تتصاعد حول كل الملفات المطروحة على الساحة المحلية، وذلك، في ظل ظهور تناقض في التوقعات حول مسار تأليف الحكومة الذي انطلق على خط الرئيس المكلّف سعد الحريري، ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، مقابل معطيات واقعية تتحدّث عن استمرار التعثّر على خط «اللقاء التشاوري»، والذي يعلن اعضاؤه عن انقطاع التواصل في ما بينهم وبين الأطراف المعنية بملف تشكيل الحكومة.
وفي هذا المجال، فإن الوزير السابق نفسه، لفت إلى أن العنوان الحكومي خصوصاً، والتطورات السياسية اللبنانية عموماً، قد ارتبط بشكل وثيق بالصراع الإقليمي، مع العلم أن الإستحقاقات الدستورية الداخلية، تحوّلت إلى أسيرة لهذا الصراع. وبالتالي، اعتبر أن المعبر الإلزامي للخروج من هذا الأسر، وذلك وفق معلومات ديبلوماسية تحدّث عنها الوزير السابق نفسه، يجب وضع حدّ فاصل ما بين علاقات أطراف هذا الصراع، وما بين مسار تأليف الحكومة، وهو أمر لم يتحقّق إلى اليوم، وبالتالي، فإن الآمال المعقودة على ولادة الحكومة قريباً، معرّضة للسقوط سريعاً، طالما أن الإتجاهات السياسية الداخلية لدى كل القوى السياسية ما زالت ثابتة، ولم تلحظ أي مؤشّرات على التهدئة والتنازل والتسوية من اجل الخروج من حال التعطيل الحكومي.
من هنا، فإن التأليف لم يعد ملفاً داخلياً، على حدّ قول الوزير السابق نفسه، والذي أكد أنه ليس مرتبطاً بالثلث المعطّل أو بالحصص الوزارية أو بصيغة ال32 أو ال 30 وزيراً أو العشرات الثلاث، بل بالتعقيدات الخارجية المتصلة بالتصعيد الإسرائيلي ضد سوريا وإيران والصراع الأميركي ـ الإيراني. ولذلك، فإن الواقع الداخلي سيبقى على مستوى كبير من التوتّر، طالما أنه مرتبط بالتحوّلات في الصراع الدائر في المنطقة، على حدّ قول الوزير السابق، الذي اعتبر أن تمثيل «اللقاء التشاوري» هو شأن داخلي، وكذلك الثلث المعطّل، ولكن هذين العاملين المؤثّرين على تأليف الحكومة، غير معزولين عن العوامل الخارجية، حيث أن الولايات المتحدة الأميركية قد أبلغت، وعبر القنوات الديبلوماسية، القيادات اللبنانية بأنها في حال تقدّم نفوذحزب الله في مجلس الوزراء المقبل، فإنها ستتّخذ إجراءات سلبية ضد لبنان، كما في المقابل، لا تريد طهران أن تكون الحكومة العتيدة بعيدة عن الفلك الإيراني ومسار المواجهة الإيرانية ـ الأميركية، ولذا، وفي هذا السياق، يندرج الحديث الأميركي عن تفعيل حكومة تصريف الأعمال، ويأتي التحفّظ من واشنطن ومن عواصم غربية أخرى على مسار التأليف الحالي.
وأضاف الوزير السابق، أن ما تحقّق إلى اليوم على الساحة الإقليمية، وتحديداً على المسرح السوري، من إنجازات وانتصار لمحور على آخر، لا يعني أن المرحلة النهائية والحاسمة قد بدأت وأن التسوية باتت وشيكة، بل على العكس، فإن المواجهة ما زالت مستمرة، والولايات المتحدة تحشد من خلال مؤتمر بولندا المقبل، مما يدل على أن السياسة الأميركية والتحرّك الأخير في المنطقة، تأتي في سياق الإستراتيجية الجديدة ضد إيران، مما يفتح الأبواب على مرحلة صعبة في الأشهر المقبلة. وكشف أن أي خطوة غير مدروسة وتصعيدية على المستوى العسكري من قبل إسرائيل من جهة، أو إيران وسوريا من جهة أخرى على الساحة السورية، ستؤدي بالمنطقة، ولبنان هو جزء منها، إلى استحقاقات عسكرية خطيرة.