Site icon IMLebanon

الكارثة

ما كنت أتصور أن تصل بنا الأمور إلى ما وصلت إليه، في وسط العاصمة، التي يقع فيها مجلس النواب، وكنت أعتقد أن هناك مغالاة، عندما كنت أسمع معظم اللبنانيين، ويشيرون بالأصبع إلى مبنى ساحة النجمة وهم يتحدثون عن السجن الكبير، وليس عن مقر نواب الشعب اللبناني أو يسترسلون في سرد الروايات عن هذا السجن الذي عزل ممثلي الشعب عن ناخبيهم الذين أوصلهم إلى الندوة النيابية لكي يمثلوهم ويدافعوا عن حقوقهم ومصالحهم في وجه السلطة الحاكمة، ولا عندما يستسرون أيضاً في سرد القصص والحكايات والروايات عن المآسي التي حلت في وسط بيروت وفي أصحاب المحلات التجارية والمطاعم وغيرها من المؤسسات، والافلاس العام بسبب تلك التدابير الأمنية الحديدية المتخذة لمنع دخول المواطنين، وحتى أصحاب المحال التجارية إلا بإذن رسمي من المراجع المولجة بحماية أمن مجلس النواب، بذريعة واهية وهي الحرص على أمن وسلامة ممثلي الشعب من أن تمتد إليهم الأيدي العابثة أو الغاضبة.

أقول انني كنت أعتقد إلى حدّ اليقين بأن مثل هذه الروايات والقصص مبالغ فيها كثيراً حتى انها نوع من التجني والافتراء بقصد الإساءة وتشويه السمعة من عناصر وفئات لا يعجبها العجب ولا الصيام في رجب وهي مستأجرة لبث ونشر مثل هذه الروايات لغايات في نفس مستأجريها إلى إن شاءت ظروف مهنة البحث عن المتاعب أن تقودني إلى وسط بيروت في مهمة صحفية وساعتها أدركت أنني كنت على خطأ بعدما تأكدت بنفسي أنني لست في وسط بيروت كما عرفته يعج بالناس لبنانيين عشقوا هذا المكان وسياح عرب وأجانب بل أمام سجن كبير عج بدل الزائرين بعناصر أمنية مدججة بالسلاح تحيط بهذا السجن، وتمنع دخول أي مواطن إليه الا بعد الحصول على إذن رسمي يُحدّد المهمة والوظيفة والأسباب والغايات والأهداف، وإن هذه الإجراءات الأمنية التي لا مثيل لها إلا في الأنظمة العسكرية الحديدية لا تستثني إلا النواب دون سواهم من المواطنين وبالأحرى من الذين انتخبوهم لكي يمثلوهم، فبات هؤلاء النواب في شبه عزلة تامة، وهي ظاهرة أو سابقة لا ولم تحصل في ظل نظام يقوم أساساً على مبدأ حكم الشعب للشعب ومن أجل الشعب كمثل النظام المعمول به في لبنان.

الجواب الذي تسمعه من القوى المكلفة بتنفيذ هذه الإجراءات الأمنية الجديدة هو اللاجواب وكأنهم غير مقتنعين بما يقومون به، حتى ولو حاول أحد من هذه العناصر تبرير هذه الإجراءات المشددة، لدرء أي محاولة تقدّم للحراك الشعبي في اتجاه المبنى الذي يجتمع فيه ممثلوه.

انها مأساة حقيقية حلت بوسط العاصمة وقبل أي أمر آخر كشفت حقيقة ما وصلت إليه الأمور وحالة فقدان الثقة بين الشعب وممثليه، وتلك هي الكارثة الكبرى!