Site icon IMLebanon

انزعاج من «طيف» فرنجية في القلمون

«ولو الجنرال طالع معو انو تيار المستقبل صاروا دواعش»، كلمات رددها رئيس الحكومة الاسبق سعد الحريري عشرات المرات خلال الساعات الاخيرة امام قيادات المستقبل التي زارته في جدة، وكذلك قالها على مسمع من اتصل به من «وسطاء» في بيروت لمحاولة ايجاد مخرج للازمة السياسية الراهنة في البلاد. طبعا كلام الحريري لا يحمل فقط عتبا على عون او «زعلاً» من هذه التهمة «الشنيعة»، لكن الامر اكثر من ذلك، وقد فهم من تواصل معه ان «التيار الازرق» سيمارس «الداعشية» السياسية على «اصولها» مع التيار الوطني الحر، طالما انه «صيت وطالع»، وقد بدأت ارهاصات ذلك من خلال الحملة الاعلامية والسياسية المنظمة ضد «الجنرال»، بالتزامن مع «ضغوط» جدية على الحلفاء في 14آذار لحملهم على مواكبة هذه المواجهة التي تحتاج الى «رأس حربة» مسيحي يتلطى «المستقبل» خلفها للتعمية على طبيعة «المعركة» وتفريغ حجج عون الخاصة بحقوق المسيحيين من مضمونها، فضلا عن محاولات دؤوبة لعزل «الجنرال» عن حلفائه وتحضير «الملفات» للانقضاض عليهم. فهل تشبيه «المستقبل» بـ «داعش» افتراء؟ وماذا يعني ذلك؟

يعني بكل بساطة ان تيار المستقبل لا يزال يعاني من غياب «النضج» السياسي الذي يؤهله لتمثيل تيار «الاعتدال» السني في مواجهة «بحر» التطرف في لبنان والمنطقة، وبرأي اوساط في 8آذار، فأن ثلاثية «الاستعلاء والتهميش والاقصاء»، تشكل قاسما مشتركا بين تنظيم «داعش» وتيار المستقبل. فالحريري كما ابو بكر البغدادي يشعر «بفائض» من القوة تخوله ان يكون الآمر الناهي في تحديد مصائر الاخرين، «فامير المؤمنين» يقرر من يموت او يبقى على قيد الحياة، و«زعيم» المستقبل يقرر هنا من يبقى على قيد الحياة سياسيا، ومن يجب ان تدفن حقوقه، يوزع هو الواجبات و«يفتي» في السياسة والدستور، يتطاول على «حقوق» غيره ويمنع الاخرين من الاقتراب من المزايا والمكتسبات التي لا ينافسه عليها احد، ولكن «فوبيا» القلق على الدور بعد «الطائف» عقدة تلازم الحريري الابن الذي خسر كل ما ورثه عن ابيه في المال والسياسة ويخشى اليوم خسارة الامتيازات التي حققها الحريري الاب.

وبرأي تلك الاوساط، تيار المستقبل لا يصلح لحمل «راية» «الاسلام المعتدل»، ولا يمكن الاتكال عليه لمواجهة المد التكفيري، طالما استمر في تبني «الانتهازية» كشعار في عمله السياسي، وطالما ان ثقافته السياسية والدينية تتبنى نظرية «الارهاب الحميد» و«الارهاب الخبيث». فاذا كان النائب وليد جنبلاط يقر في «سره» بان جبهة النصرة ارهابية، ويتمنى لو انه قادر فعلا على خوض مواجهة رابحة ضدها تحمي الدروز في المنطقة، وهو «يغازلها» من موقع الضعيف الباحث عن حماية نفسه مع ابناء «عشيرته»، فما هي حجة المستقبل في ذلك؟ واذا كانت «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش» يتفقان في الايديولوجيا، وهما فرعان اصيلان لتنظيم «القاعدة» والفكر الوهابي، ويختلفان تكتيكيا ويتصارعان على السلطة وعلى المغانم، فعلى ماذا تقوم «فذلكة» «التيار الازرق» في التفريق بين «التكفير الجيد» «والتكفير السيء»؟ الم يجر تأنيب وزير الداخلية نهاد المشنوق بسبب عملية القتل «غير العمد» للارهابي اسامة منصور في طرابلس؟ الم يدفع خلال الاسابيع الماضية من رصيده السياسي والشعبي نتيجة تجاوزه «الخط المرسوم» بدقة لمواجهة المتطرفين على الساحة اللبنانية؟ الا يجد نفسه مضطرا عند اعتلاء المنبر حتى لو كان ذلك في مناسبات «عائلية» او رمضانية، لتبني خطاب متطرف ارضاء لجمهور متعطش لهذه «المعزوفة» ومزايدة على اقرانه الذين جروه الى «لعبة الشارع»؟ هل نسي اللبنانيون كيف حاول نائبا صيدا بهية الحريري وفؤاد السنيورة حماية «الظاهرة» «الاسيرية»؟ وكيف ضغطوا في الشارع للافراج عن الارهابي الهارب شادي المولوي؟ وكيف احرقوا طرابلس بعد موافقة الرئيس ميقاتي على تشكيل الحكومة؟ وهل تغيب عن اذهان اللبنانيين صور «قطاع الطرق» الجاهزين دوما لقطع اوصال المناطق الحيوية في لبنان تحت عنوان «الغضب» من اي شيء يزعج خاطر القيادة «الزرقاء»؟ كل هذا غيض من فيض «الداعشية» الموصوفة ورغم ذلك الحريري «مكسور الخاطر» و«زعلان» من «الجنرال»!

وفي زمن «امارة» السياسة «الداعشية» لا يحق للجنرال عون ان يترشح للرئاسة، ففؤاد السنيورة وحده من يضع مواصفات الرئيس الذي يجب ان يكون «بلا طعمة ولا لون»، طبعا لا يجب ان يملك حيثية مسيحية فهو لا يحتاجها هنا لان هذا الموقع دون غيره يجب ان يكون محل اجماع وطني، وهو شعار فارغ من اي مضمون ويعني عمليا رئيس «طرطور». ولا يحق ايضا «للجنرال» ان تكون له كلمته في التعيينات، يستدرج الى «الكمائن» وتنصب له الافخاخ، يناورون معه ويمارسون الخداع، ثم تشن ضده الحملات لاحراجه واخراجه عن طوره، وهو في هذا الامر سهل المنال، وعندما يطالب بحقوقه «كزعيم « مسيحي يمثل ما يمثل من جمهور عريض يتهمونه «بالمثالثة» والعمل لدى حزب الله لضرب الصيغة القائمة والانقلاب على الطائف لتحصيل مكاسب شيعية في السلطة! فهل من عاقل يصدق ان عون يخوض مواجهة «لتقزيم» صلاحيات الرئيس المسيحي وقسمتها على ثلاثة بدل اثنين»؟ لكن كل هذا غيض من فيض «العهر» السياسي وجزء من تنظيم عملية «اعدام» «الجنرال» وهم يريدونه ان «يذبح» بهدوء على «شاكلة» ضحايا «داعش»؟ فلماذا اذاً «الزعل» من المقاربة؟

وبحسب المعلومات، لا تتوقف «الداعشية» «المستقبلية» عند هذا الحد وفي اطار «استراتيجية» محاصرة حلفاء حزب الله، ثمة من حمل معه الى جدة قبل ساعات «ادلة» عممت على بعض السفارات الغربية ايضا، تفيد بان تيار المردة والوزير سليمان فرنجية يشاركان بفعالية في حرب حزب الله على الحدود الشرقية ضد «الثورة السورية»، و«يعيب» هؤلاء على «الزعيم» الشمالي انه بادر الى تقديم دعم «لوجستي» الى مقاتلي الحزب عبر تأمين مئات من «عبوات» مياه الشرب الى الجبهة، وثمة حديث عن دفع تكاليف عشرات «القناصات» المتطورة، وتأمين الكلاب المتخصصة بكشف الالغام، فضلا عن كلام حول زيارة قام بها الوزير فرنجية الى المواقع المتقدمة…. طبعا هذا ايضا غيض من فيض حملات اعلامية تم اعدادها سلفا ضد تيار المردة ربطا بموقفه من تحرك الجنرال. لكن هنا تتجلى ابرز معالم الـ «داعشية» الفكرية التي تمنع «العقول» في «المستقبل» من ادراك طبيعة وحقيقة ان هذا «التيار» و«زعيمه» ابناء مدرسة تقوم على «الصمت» حين يكون الفعل صائبا «والثرثرة» غير مفيدة، فهذه الافعال، اذا صحت، ليست تهمة بل قناعات مشرفة لا تدعو الى الخجل لكن الامر ليس للتباهي، رغم ان كل من زار «الجبهة» مؤخرا شعر ان «طيف» فرنجية مر من هنا..؟؟

في الخلاصة يخوض «المستقبل» حربا ضد حزب الله عبر محاولة تهشيم حلفائه و«النيل» منهم فرادى «لعزله»، ثمة تعويل على موقف الرئيس نبيه بري، وحياد حلفاء «الجنرال» المسيحيين، كما ثمة رهان على «اولويات» حزب الله السورية، وفي هذا السياق وصلت «الرسالة» واضحة الى «التيار الازرق» بعدم «حرق المراكب» مع «الجنرال عون، لان القوى الحليفة وان اختلفت معه في «التكتيك»، فهي لن تسمح بان «ينكسر» لانها تعرف انها مستهدفة عبره، هكذا تحرك حزب الله محذرا بالامس، وعاد الرئيس بري التأكيد على حلفه الاستراتيجي مع «الجنرال»، فيما موقف تيار المردة متقدم في هذا الامر، وتبقى الامور رهن خيارات الرئيس الحريري، فاما يعود الى منطق «الشراكة» او يبقى اسيرا لفكر «البغدادي».