الفرد النوار – تفسير اجتهادي لـ«حزب الله»؟!
رأى نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في كلام »قائد الثورة الاسلامية في ايران« اية الله الخامنئي الاخير عن حزب الله انه »كلام النور«، فيما لم ينس سماحة الشيخ القول عن المملكة العربية السعودية انها جزء من محور اميركا واسرائيل، ومن غير ان ينسى ايضا مشاريع الاحتلال الصهيوني لفلسطين والغزو الاميركي لافغانستان وانتشار »داعش« والتكفيريين في سوريا والعراق، ربما لانه لم ينس كذلك موقف حزب الله من ايران، طالما ان كل ما تقدم عن اميركا والصهيونية بقي في نطاق الحاق الاذى بالعرب عموما والفلسطينيين خصوصا، لاسيما ان حزب الله مستمر في عزيمته القوية التي »لن تؤثر فيها البيانات الفارغة المحتوى والاثر، على رغم الاذى اللاحق بلبنان خصوصا والعرب عموما (…)
وفي معرض نفيه وجود اي اتصال بين السعودية من جهة وبين حزب الله، قال قاسم »لم يرسلوا الينا اي احد لمناقشة ملف العلاقة بيننا وبينهم، وهم يتخذون الخطوات التصعيدية، ليس لان العلاقة متوترة بيننا، بل لان الحزب لم يترك مناسبة من دون ان يوجه سهامه الى المملكة، اعتقادا من الحزب انها تقف الى جانب اميركا وليست على علاقة طيبة مع ايران (…)
السؤال المطروح الان هل يتعظ حزب الله من تصرفاته التصعيدية التي ألحقت ابشع الاذى بلبنان وشعبه، الى حد الغرق في الحقد وفي استمرار الحملة على السعودية طالما ان الاذى موصول بكل ما من شأنه ان يثير الريبة بالعلاقة مع لبنان، مع العلم ان الحزب لا ينـظـر الى مصلحة لبنان، بل الى مصلحته الذاتية ومصلحة ايران، قبل اي شيء اخر، لاسيما ما تحاول ايران فعله في كل من سوريا والعراق والبحرين واليمن، حيث تتضارب مصلحة طهران مع غيرها من دول المنطقة والعالم، فضلا عن قول الشيخ قاسم انه لا يتوقع تغييرا في مجال تصحيح العلاقة بين السعودية وايران، لان طهران تسعى جاهدة الى توتير علاقتها مع العالم العربي بحثا عن مصالحها الذاتية (…)
ومن اطرف ما يمكن تصوره قول حزب الله ان سبب عدم استجابة السعودية للحوار مع ايران، خوفها من مشروع ايراني شمولي في المنطقة، حفاظا على مصالح اميركا، فيما ينصب اهتمام الحزب على كل ما من شأنه ان يخدم مصالح ايران قبل اي شيء اخر وهذا واقع الحال السياسي المرتبط بالتطورات السلبية ذات العلاقة بروابط ايران السلبية مع كل من سوريا والعراق واليمن التي تزداد توترا لعدم فهم مصلحة العرب على كل ما عداها.
من حيث المبدأ، ثمة من يجزم بأن حزب الله يفهم مصلحة ايران قبل اية مصلحة اخرى من شأنها تعزيز اواصر العلاقة بين الدول العربية، ومن غير حاجة الى التوقف عند مصلحة ايران وما يسعى حزب الله اليه لابقاء التوتر قائما بين كل العالم العربي وايران، حيث هناك مصالح متضاربة لمجرد ان المملكة العربية السعودية تنشط في سبيل الحفاظ على مصالح العرب القائلة ان الاميركيين يسعون الى ابقاء التوتر سائدا في المنطقة حفاظا الى مصالحهم.
ومن اطرف ما قاله الشيخ نعيم قاسم من الوضع الرئاسي في لبنان انه نتيجة ازمة محلية اولا واقليمية ثانيا، من غير ان يعطي تفسيرا منطقيا لعدم حضور نواب حزب الله جلسات انتخاب الرئيس حيث يصر على مقاطعة الجلسات المشار اليها، لاسيما ان لا تعديل اقليميا يستدعي من الحزب اعادة نظر بمواقفه السلبية، مع العلم ان لديه مرشحا للانتخابات الرئاسية هو حليفه رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون، لذلك تبدو ازمة الرئاسة طويلة بعدما وصل كل الاطراف الى طريق مسدود من دون اشارة الى ان الحزب هو الذي يمنع، ويحول، دون انتخاب رئيس للجمهورية؟!
وبحسب وجهة نظر الشيخ نعيم قاسم فان حزب الله قد دعم ترشيح العماد عون »نظرا لموقعه السياسي والوطني« خصوصا على المستوى الشعبي والمسيحي، لكنه قصر في القول عن ان سبب عدم انتخاب الاخير، يشكل اسقاطا لمرحلة لا مجال لتجاهل ابعادها، على رغم عدم التطرق الى موجات تجنب حضور جلسات انتخابه هو او سواه، لمجرد شكله بأن عون غير قادر على الوصول الى قصر بعبدا بالشكل الذي يرغب فيه حزب الله، لذا فان قاسم لا يرى امكان انتخاب رئيس للجمهورية قبل حلول 24 ايار المقبل، طالما انه (قاسم) لا يعلم متى تتغير الظروف السياسية، مع انه كرر القول »اننا امام ازمة مستمرة لفترة طويلة«؟!
ووصف الشيخ نعيم قاسم زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند للبنان بأنها كانت فاشلة بالمعيار السياسي، »وهو في الواقع لم يأت من اجل لبنان انما جاء من اجل القول لفرنسا والغرب، انه يبذل مساعيه لتأمين وضع النازحين السوريين، بما يمنع هجرتهم الى اوروبا ليس الا، ومع العلم ايضا ان ثمة خشية مستمرة من جانب ايران تكمن في خوفها من ازاحة حليفها الرئيس بشار الاسد قبل ان تتوضح ظروف الحرب الداخلية، في سوريا، في الوقت لذي تراهن ايران على استمرار النظام السوري على ما هو عليه بعكس كل ما يتردد عن مشروع ازاحة الاسد من خلال تغيير نظام الحكم في سوريا من غير حاجة الى التوقف عند مصلحة ايران ومصلحة روسيا التي تعمل جاهدة لمنع سقوط الاسد حتى ولو اقتضى الامر ابقاء المنطقة العربية قيد الانشغال بحال الحرب لمزيد من السنين؟!