IMLebanon

نتفكّك

أما قلت لكم من زمان إننا نتفكك؟ أما اليوم فقد بلغنا زمن الانحلال، وهذا جيد لأنه يحمل شيئاً من نسيج الصدق. صدق صادر عن حراك شعبي متناغم رافض لواقع زائف ما عاد يطاق، فاتح لصدام بدأ بين الشعب وحكام سلبوه حياته بكل بهائها وحقوقها، مستمرين في خداعه حتى بعدما طافت نفاياتهم وغطّت وجه الارض، وما عادت تخفي مخططاتهم للربح الحرام حتى من اكياس  الزبالة، مؤكدة انعدام الثقة بحكام فاسدين، لا أبرياء بينهم.

إنما يبقى سؤال نابع من جذور “لا ثقة” شملت الشعب والحكام منذ أيام الاستقلال الزائف الاول لما كشّرت شهية الحكام عن أنيابها، شهية الى المال والتسلط والاتجار بمصير الناس الاقربين والابعدين، اسألوا فلسطين… والسؤال: هل من ضامن ان هذا الشعب بالذات، الثائر اليوم على الفساد انه لو وصل يوماً الى مقاعد الحكم سوف يبقى نظيفاً، ولن يرث بثور عصور بائدة، شوّهت وجه الوطن تاركة فوقه ندوباً أبدية؟

وهل في “الأبد” نهايات سعيدة للصالحين؟ أما حصدت احداث مؤلمة أرواح حجاج الى بيت الله الحرام، تائبين في طريقهم الى رجم الشيطان الرجيم بأولى جمرات حارقة؟ وقد تؤدي مأساتهم الى استمرار حرب بدأت بين مذهبين اجتمعا على إتمام شرائع دينية واحدة تتعلق بحياة الارض وما يليها.

وما نفع أن نتمم إنجاز شرائع تقليدية تشمل جميع الطوائف، مسيحية ومحمدية، ثم نعود الى الاقتتال والإبادة والتدمير والتكفير، والنهب والسرقة على كل المستويات؟ أين ومتى نحصد ما نزرع في زمان التوبة طالبين الغفران، طامعين في سعة صدر الخالق، قروناً تلي قروناً، ويظل الجواب مبهماً؟ ونظل نمعن في اقامة الطقوس، وبلداننا المتخلفة، الفاشلة، يتآكلها الدمار والفقر، يهجرنا اهلها الى كل أصقاع الارض.

أما أراضينا “العربية” فتموج تحت قشرتها الخارجية بحار النفط والغاز، مصادر الطاقة الأهم والوحيدة التي توفر لسكان الكوكب أجمعين وسيلة التطور والقدرة على الاكتشاف والابتكار في كل الحقول، والسفر في فضاء الاكوان والمجرّات والكواكب الهائلة التي تدور في أفلاك بلا حدود، متماسكة، متناغمة، رائعة الجمال، تمجّد الخالق خارج زمن الارض المحدود بالثواني، وبأزل وأبد، وبخطيئة وغفران.

تفككنا واسترحنا، ودعسة روسيا الثابتة فوق أرض سوريا، تذكّر بحذاء خروشوف فوق طاولة الجمعية العمومية للأمم المتحدة في القرن الماضي. دعسة روسيا جاءت متأخرة بعدما دمّرت سوريا وتهجّر أهلها من أرضهم التي تموج بآبار النفط والغاز، سوريا التي رفضت السماح لأنبوب غاز قطري أن يمر فوقها، الى تركيا والى أوروبا ثم الى روسيا.

كم يطول الزمن بين فعل التوبة ونعمة الغفران؟