IMLebanon

التفكّك المكلِف لـ 14 آذار في ذكرى 14 شباط هل حسمت القراءة الإقليمية فوز محور على آخر؟

عشية حلول ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه في 14 شباط، تبدو الأمور مفتوحة على مراجعة نقدية من ضمن فريق 14 آذار، أو ما تبقى منه، يتفق أكثر من فريق على ضرورتها من باب تقويم ما إذا كانت أنتجت كل الخربطة في الحركة الرئاسية التي قام بها مكونان من هذا الفريق إو ما إذا كان يمكن وقف تفكك هذه القوى. المراجعة يقتضيها واقع الإقرار بأنه منذ تحرك ملف الرئاسة لم يكن لدى فريق 14 آذار شخصية مقبولة تندفع بها مع كل الاحترام لكل من الرئيس أمين الجميل ورئيس حزب “القوات اللبنانية”، لكنهما لم يكونا أصلا مقبولين كاحتمال لدى الأفرقاء الآخرين على عكس مرشحي قوى 8 آذار، فيما أقفلت قوى 14 آذار على نفسها راهنا بالخيارات التي اعتمدتها، إمكان الذهاب الى مرشح وسطي أو توافقي، ورمت المفتاح في أيدي الآخرين. الكثير من الإحراج سيرافق إحياء ذكرى 14 شباط، وإن تكن ذكرى اغتيال الرئيس الحريري لا تزال تجمع، لكن قد يكون الأمر مربكا وصعبا إذا ذهبت المواقف في اتجاه دعم ترشيح النائب سليمان فرنجيه في هذه الذكرى، على رغم أنها ليست مناسبة لذلكـ انطلاقا من أن احتمالا من هذا النوع قد لا يشجع شخصيات آذارية كثيرة قريبة من “تيار المستقبل” وتدور في فلكه، على الحضور والمشاركة، ليس نتيجة الاختلاف على دعم فرنجيه أو تفضيل دعم ترشيح عون، بل لأن هذه المسألة لم يتم “بلعها” فعلا وإن تكن التطورات بعد ترشيح عون خفّفت وقعها بعض الشيء.

والواقع أن هناك تساؤلات جدية، أولها كيف أنه بعد كل الذي حصل خارج المنطق في علم السياسة ولا مثيل له من حيث التحولات من دون استراتيجية واضحة او تغير جوهري، لا نستطيع أن ننتخب رئيسا جديدا للجمهورية؟ فإذا كان ثمة تنافس حاد قام بين الحريري وجعجع فإن التوازن بينهما كان سلبيا وجاء ضرره كبيرا، باعتبار أنه بعد عشر سنوات من اندفاع الأمور الى مقلب آخر، يعاد بها الى الوراء بغض النظر عن المكسب الشخصي المباشر في هذا المقلب أو ذاك، تبعا لمآل التطورات. إن اللعبة السياسية لم تصل بالرئاسة الى خواتيمها المرجوة، واستعجال ركنين أساسيين في 14 آذار إجراء تغييرات جذرية في مواقفهما، أضعف أركان قوى 14 آذار كما أضعف الجميع، بمعنى أنه أظهر مدى تحكم اللاعبين الاقليميين في الوضع الداخلي، حتى إذا اندفع اللاعبون الداخليون الى التحرك من ضمن هامش الحركة المتاح أمامهم أو محاولة ترجمة الاتفاق الإقليمي الذي قيل إنه بدأ على الخط السعودي- الايراني، فاجأهم الخلاف على هذا الخط ونسف كل جهودهم.

التساؤل الآخر يتصل بما إذا كان ترشيح العماد ميشال عون، ثم النائب فرنجيه، متصلا بحسابات المنطقة وتوازناتها. وهل أعلن فريق 14 آذار هزيمته أو استبقها بترشيح خصومه، أو لمجرد إقفال بكركي الباب على مرشحين آخرين غير المرشحين الاربعة المحسوم مصير اثنين منهم سلفا، وهما من مرشحي 14 آذار؟فاستمرار تعطيل الانتخابات، أكان في هذا الجانب أم ذاك، من دون قدرة لأي منهما على إيصال مرشحه، يعني أنه لا يزال هناك توازن معين يمنع فرض مرشح لأي من الطرفين. لكن الصورة الاكبر التي رافقت التطورات الاخيرة أوحت أن الذهاب الى خيار أحد مرشحي 8 آذار يشي بأن الميزان يميل لمصلحة المحور الايراني- الروسي في المنطقة ويشيع انطباعات يستفيد منها الفريق الآخر لتعميق ذلك. لكن ليس واضحا بالنسبة الى مراقبين كثر ما إذا كانت هذه القراءة صحيحة أم لا، على رغم أن البعض يقول إن دعم ترشيح عون في الأساس ثم دعم ترشيح فرنجيه انطلق بفكرة أميركية. ولا يزال كل من المرشحين يتمسكان باعتقاد وجود دعم أميركي لكل منهما، وبأن تكون الفكرة الأميركية المنشأ أدت الى افتراض توقع أميركي أن محصلة الصراع في سوريا قد لا تؤدي الى تغيير معادلات في الداخل اللبناني، وربما تساهم في زيادتها صعوبة، في حين اختار الاميركيون طريق استمرار الشغور الرئاسي والتجاوب مع ما يعتقدونه أنه قد يريح “حزب الله” ويطمئنه، فلا يستمر محتجزا الرئاسة اللبنانية. إلا أن كل ذلك خلف انطباعات أو قراءات إقليمية تفيد بأن إيران ومعها النظام السوري انتصرا في سوريا، في حين يرى كثر أن هذه الانطباعات قد لا تكون صحيحة. إذ إن إيران ومعها الحزب وضعا أقصى ما يمكن من زخم في سوريا الى حد تطويل أمد استمرار بشار الاسد في السلطة، انما الى اللحظة التي احتاج فيها هذا المحور الى التدخل الروسي. وبحسب معلومات ديبلوماسية، فإن ايران ليست مرتاحة في كل المواقع التي تخوض فيها حربا بالواسطة، إن في سوريا أو العراق أو اليمن، والعقوبات التي رفعت عن إيران لا يعني أن وضعها الداخلي لا يحتاج الى نهضة كبيرة جدا ومتطلبة كثيرا. يضاف الى ذلك واقع أن الأرض لم تتغير على نحو استراتيجي وجوهري في سوريا، على رغم التدخل الروسي المباشر في القتال، والذي أمن ديمومة النظام وقوته في المفاوضات، لكن روسيا ترغب في المفاوضات القائمة في جنيف من أجل أن تتمكن من وقف الحرب، إما بذريعة حصول المفاوضات وإما حصول أي تقدم، وذلك نتيجة كلفة كبيرة تترتب على روسيا التي تواجه وضعا اقتصاديا ماليا حرجا جدا.