لا تتوقع مصادر سياسية مواكبة لملف النازحين السوريين في لبنان ظهور حصيلة فورية للمؤتمر الذي خصص لبحث سبل عودتهم الى وطنهم والذي انعقد في دمشق بدعوة روسية ومشاركة لبنانية ، وذلك على الرغم من أن ما حملته المداولات والكلمات في المؤتمر المذكور، قد كشفت وبالوقائع أن المعبر الالزامي لأي عودة للنازحين في لبنان او في دول الجوار، هو في انطلاق مفاوضات متعددة الاطراف من اجل فتح نافذة في جدار العودة الموصد بقوة وبرعاية غربية فاعلة بصرف النظر عن مكان حصولها. وترى هذه المصادر أن الفرصة الوحيدة امام لبنان بشكل خاص من اجل استعراض تصوره وخارطة الطريق التي وضعتها الحكومات السابقة لتسريع عودة السوريين الى بلدهم، لن تتأمن الا بوساطة روسية على مستوى التحرك المباشر على خط بيروت- دمشق، لكي يجري استئناف رحلات العودة التي كانت قد بدأت بوتيرة مقبولة في السنوات القليلة المنصرمة ثم توقفت لاسباب عدة تختلف تفسيراتها ما بين الجانب السوري من جهة والجانب اللبناني كما الاممي من جهة أخرى.
ووفق المصادر المواكبة لكل المراحل التي مرت بها مسألة النزوح السوري منذ العام 2011 الى اليوم، فان المدخل الذي سيتيح للنازحين تحقيق عودتهم الآمنة وللبنانيين تخفيف الاعباء الاقتصادية الناجمة عن هذا النزوح، هو في تقليص الشروط الموضوعة من قبل كل المعنيين بالعملية بدءاً من السوريين أنفسهم حكومة وشعباً وصولاً الى العواصم الغربية والى الامم المتحدة التي ترعى النزوح والنازحين في الدول التي نزحوا اليها في السنوات الاخيرة. ومن هنا تبدو الصورة مكتملة من الناحية النظرية في المؤتمر الاخير، والذي نص على العودة السليمة للنازحين كما تشير المصادر نفسها، ولكن سبل ترجمة ذلك من خلال تعاون دولي واقليمي، دونها عقبات كبرى وفي مقدمها العقبات ذات الطابع المادي والمالي والاجتماعي ثم الامني، مع العلم أن الاولويات في هذا المجال ليست واحدة لدى كل هذه الاطراف، لان ما تشهده بعض الدول الاوروبية في الاسابيع الاخيرة، قد فتح المجال امام نقاش جدي على المستوى الدولي وخصوصاً الاوروبي، حول مصير اللاجئين السوريين في المنطقة وليس فقط في دول النزوح، على الرغم من المقاطعة الاوروبية للمؤتمر المذكور.
وعلى الرغم من التداعيات الخطيرة وأبرزها الامنية للنزوح تقول المصادر المواكبة، أن الساحة اللبنانية هي الاكثر تضرراً من أعباء النزوح والتي تضغط بقوة اليوم على الواقع المالي في ظل الانهيار الحاصل على كل الاصعدة، وبالتالي فإن المؤتمر الاخير في سوريا والذي عرض لتفاصيل ملف النزوح، لم يلامس الواقع الفعلي للسوريين النازحين في لبنان والذين تحذر المصادر نفسها من تحولهم الى لاجئين دائمين في حال بقيت سبل عودتهم مقطوعة، مما يستدعي توحيد المقاربات من كل الاطراف السياسية اللبنانية بعيداً عن أية تأثيرات او اعتبارات سياسية مرتبطة بعلاقة بعض القوى مع دمشق، وذلك تحت عنوان واحد هو إنهاء أزمة النزوح ورفع عبئه عن كاهل اللبنانيين، كون المصلحة اللبنانية العامة تقتضي حصول هذا الامر وبالتعاون والتنسيق مع موسكو ودمشق والمؤسسات الدولية التي ترعى شؤونهم في بيروت والعواصم المجاورة التي لجأوا اليها.