Site icon IMLebanon

هل تعيد «خماسية» قمة الرياض النازحين قبل العقد المقبل؟

 

 

منذ ان ضمّت قمة الرياض في 19 أيار الماضي لبنان الى عضوية اللجنة العربية الرباعية المُكلفة مناقشة ملف النازحين المنتشرين في دول الجوار السوري، اعتقد البعض ان هناك انجازاً قد تحقق درءاً لمخاطر هذا الملف الاقليمية والدولية. ولمّا لم تَعقُد هذه اللجنة اي اجتماع لها بعد، تردد أن آب المقبل سيشهد أول نشاط لها. وعليه، طرحت الاسئلة عن حجم التحضيرات وما هو المتوقع منها؟

تعددت المناسبات والمحطات المُحبطة التي تناولت ملف عودة النازحين السوريين في لبنان ودول الجوار السوري، ما يوحي بما لا يرقى اليه اي شك ان البحث الجدي في هذا الملف معلق على حبال مجموعة من المحطات البعيدة المدى قياساً على حجم التأثيرات السلبية التي عبرت عنها مختلف المواقف السورية منها قبل العربية والغربية. هذا عدا عن الجهود التي يبذلها المسؤولون اللبنانيون على اكثر من مستوى اقليمي ودولي بما فيها الإتصالات المباشرة مع السلطات السورية، والتي لم تُنتِج بعد اي خطوة ايجابية يمكن ان تؤدي الى استئناف برامج العودة الطوعية التي بدأ الأمن العام بتنظيمها منذ العام 2017، والتي أسفرت الى اعادة ما يقترب من 480 الف نازح، قبل ان يتبيّن لاحقاً ان معظمهم عاد الى لبنان بطريقة شرعية أو غير شرعية ولأسباب مختلفة لا يمكن الإحاطة بها كاملة.

 

وتأسيساً على ما تقدم، تحدثت مراجع ديبلوماسية وسياسية عن احتمال أن تؤدي الجهود المبذولة من الجانب الأردني خصوصا الى عقد أول اجتماع للجنة الخماسية العربية التي تضم وزراء خارجية كل من لبنان والاردن، والعراق والمملكة العربية السعودية ومصر في آب المقبل، بعد أربعة أشهر على اطلاقها، من دون الكشف عن الجهة التي ستوجه الدعوة الى هذا اللقاء، مع احتمال ان تكون المبادرة اردنية قبل ان تكون سعودية ولأسباب مختلفة.

 

الى الآن، لا تمتلك الديبلوماسية اللبنانية ومعها اي من المراجع الحكومية اي معلومات عن التحضيرات الجارية لاجتماع اللجنة سوى ما توافَرَ أخيراً من معلومات عن احتمال ان تجتمع في آب المقبل من دون أي مؤشر على مثل هذه الخطوة، سوى الحديث عن التحضيرات التي يجريها اعضاؤها فردياً استعدادا لمثل هذا اللقاء. فلبنان الذي ضُمّ الى اللجنة قُبَيل انعقاد قمة الرياض لم يكن على علم بما تناقشه من قبل وبعد فترة طويلة من العمل. وقد توزعت لقاءاتها ما بين الأردن ومصر والعراق من دون ان تنجح في وضع اي خريطة طريق يمكن ان تعيد النازحين السوريين الى اي منطقة آمنة، باستثناء المبادرات الفردية لقوى الأمر الواقع في أكثر من منطقة سورية خارجة على سلطة النظام.

 

ولعل أبرز التجارب التي كشف عنها قبَيل مطلع السنة الحالية يتصل بمجموعة الخطوات والبرامج التي أعدّتها «قوات سوريا الديموقراطية» المعروفة بـ«قسد»، عندما شكلت قيادتها إدارة خاصة تتصل ببرامج اعادة لَم شمل النازحين الاكراد حيثما وجدوا في الخارج. وهي إدارة ناشطة أعدّت مجموعة من عمليات استعادة لمهجّريها الأكراد من مناطق لبنانية وأردنية وعراقية الى منطقة سيطرتها ما بين الحسكة والقامشلي عند مثلث الحدود السورية ـ العراقية ـ التركية، بطريقةٍ مُنظمة سمحت لكثير منهم بالوصول الى مناطقها عبر معابر آمنة تجاوزت من خلالها هوية القوى المختلفة التي تسيطر عليها وصولا الى حدود هذه المنطقة من الجهات الاربع، بما جعلها على تماس مع قوى مختلفة كالاميركيين جنوب وشرق مجرى نهر الفرات، والأتراك كما النظام السوري والمجموعات المسلحة المختلفة المنتشرة شرق مجرى نهر الفرات ووحدات من النظام السوري من الجانب الجنوبي ـ الغربي للمنطقة.

 

عند هذه المعطيات، لم يسجل اي خطوة اضافية بالنسبة إلى مصير النازحين السوريين، الى ان برز التحرك الأردني مؤخراً في اتجاه السلطات السورية بُغية ضمان امن المعابر الحدودية الجنوبية المؤدية الى المملكة، ومنها الى السعودية، وبعض المناطق في جنوب العراق وشرقه لجهة الحدود الأردنية. وهي تحركات برز انها تتعلق بالمرحلة الاولى بضبط اعمال التهريب على المعابر الجنوبية عقب التفاهمات على تعزيز أعمال التفتيش، قبل ان يلجأ المهربون الى الطائرات المسيرة التي تم اسقاط بعضها وهي تحمل مئات الكيلوغرامات من الكابتاغون وأنواع المخدرات المختلفة.

 

كان ذلك قبل ان تلامس السلطات الاردنية مع نظريتها السورية ملف النازحين وعودتهم من المخيمات التي اقيمت في الاراضي الاردنية لأسباب مُشابِهة لتلك التي حالت دون عودة ملحوظة من دول الجوار الاخرى العراق وتركيا ولبنان. وهو أمر كان على جدول اعمال الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الاردنية أيمن الصفدي الذي التى بالاضافة الى نظيره السوري الرئيس بشار الاسد وسمع منه كلاماً وصفَ بأنه مُحبَط لجهة توافر اي نية باستعادة النازحين لمجرد ان استمع الى لائحة المطالب السورية التي تحول دون اي خطوة من هذا النوع، سواء كانت من الاردن او من اي دولة في العالم بمن فيها دول الجوار السوري الاربع: الاردن، العراق، لبنان وتركيا.

 

فقد لفت الاسد في المعلومات التي عَممتها وكالة الانباء السورية «سانا» الرسمية الى ان البحث تناول هذا الملف من ضمن ملفات اخرى تعني العلاقات بين البلدين. وما كان صادماً ان التقت الشروط التي وضعها النظام السوري مع تلك التي قال بها المجتمع الدولي بأكثريتها، خصوصاً تلك التي تتطابَق واعادة الإعمار وتوفير البنى التحتية للمناطق المدمرة. وهو ما لفت اليه الاسد بقوله أن «العودة الامنة للاجئين السوريين الى قراهم وبلداتهم أولوية بالنسبة للدولة السورية مع ضرورة تأمين البنية الاساسية لهذه العودة ومتطلبات الاعمار والتأهيل بكل أشكالها ودعمها بمشاريع التعافي المبكر التى تمكن العائدين من استعادة دورة حياتهم الطبيعية».

 

وبعدما نَبّهت المراجع الدولية والاممية من التأخير في تحقيق ما تم التفاهم في شأنه بما يتعلق بمراحل الحل السياسي في سوريا، واعادة النظر بالدستور السوري والمضي باتخاذ الإجراءات الضامنة لسلامة العائدين ومعها التدابير المتصلة بالخدمة العسكرية التي تمددت لسنوات عدة وتلك الخاصة بالدوائر العقارية لجهة إثبات ملكية الأفراد والعائلات ملكيتهم للعقارات في المناطق المدمرة وتلك التي أُزيلت عن وجه الارض وتغيرت معالمها، لمصلحة إنشاءات الطرق والخرائط الخاصة بالأوتوسترادات المستقبلية. قال الأسد ان «كل الإجراءات التي اتخذتها الدولة السورية، سواء على المستوى التشريعي أو القانوني أو على مستوى المصالحات، تساهم في توفير البيئة الأفضل لعودة اللاجئين» من دون ان يجزم انها يمكن ان توفر الأجواء الكافية.

 

وعدا عن هذه الملاحظات المطروحة على المستوى الأممي والدولي والتي أعاقت الاعتراف الدولي بالنظام ورفضها الخطوات التي اتخذت لإعادتها الى «الحضن العربي» على عتبة القمة العربية الثانية والثلاثين التي عقدت في الرياض، فإنّ مراعاتها لمجمل الملاحظات غير المتوافرة لدى الجانب السوري فهي أعاقت ولا تزال تعوق تزخيم برامج العودة المدعومة دوليا وهي ترفض اعادتهم بما يتجاوز الإرادة اللبنانية والاردنية على سبيل المثال لا الحصر وهي فروض يمكن تطبيقها على بعض من الدول والمجتمعات المضيفة للنازحين.

 

عند هذه المؤشرات التقت المراجع السياسية والديبلوماسية اللبنانية على اعتبار ان ملاحظات وشروط الاسد الجديدة وإهمال «الخماسية» العربية الجديدة للملف، وعدم وجود اي مؤشر لإعادة النازحين سوى بالبيانات التي تتحدث عن مأساتهم الانسانية والاخلاقية والدعوات الى عدم تسييسها، فإنّ أقصَر المهل المقدرة إعادة اولى دفعات النازحين السوريين قد تكون في العقد المقبل على الأقل.