يشكل موضوع المهجرين من الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية وبيروت نفسها، التي يستهدفها العدو “الاسرائيلي” من وقت الى آخر حالة وطنية وانسانية، في ظل استمرار الحرب “الاسرائيلية” التدميرية على لبنان، التي يسعى الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين الى وقفها، وهو زار بيروت بعد انقطاع لحوالى شهر، ليناقش مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ردهما على الورقة الاميركية التي قدمت لهما الاسبوع الماضي، وهي في بعض بنودها مستنسخة عن ورقة “اسرائيلية” تضم 13 مقترحاً، كلها تصب في استسلام حزب الله وتسليم سلاحه او تجريده منه، اذا لم يرضخ للشروط “الاسرائيلية” ويعترف انه خسر قوته العسكرية، التي اعلن رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو امام “الكنيست الاسرائيلي” انه دمر 80% من الترسانة الصاروخية لحزب الله، ليأتيه الجواب باطلاق نحو اربعة صواريخ على “تل ابيب” رداً على قصف بيروت، وكان آخر عملياته يومي الاحد والاثنين، فاغتال مسؤول وحدة العلاقات الاعلامية في حزب الله الشهيد محمد عفيف في رأس النبع، ومحمود ماضي في شارع مار الياس، ومواطنين مدنيين في زقاق البلاط من بينهم المختار حسن شومان، عملاً بمعادلة الردع “تل ابيب” مقابل بيروت.
فالحل السياسي، يتأخر عن وقف العمل العسكري، وهذا ما يمدد الحرب على لبنان، وفق مصدر سياسي لا يرى بان الوسيط الاميركي سيصل في حركته الى وقف لاطلاق النار، لان نتنياهو لن يوقف الحرب، وهو يتعاطى مع مبادرات الحل السياسي في لبنان كما في غزة، التي مضى 14 شهراً على الحرب “الاسرائيلية” عليها، ولم يحقق العدو “الاسرائيلي” اهدافه منها، وهو يمر في الازمة نفسها بحربه الواسعة على لبنان، الذي نجح في تدمير اجزاء منه، لكنه فشل في تحقيق هدفه القضاء على حزب الله وابعاده شمال الليطاني، وعودة سكان المستوطنات الى شمال فلسطين المحتلة، مما يترك الحرب مفتوحة في كل من لبنان وغزة، لان ما لم يأخذه العدو في الميدان العسكري، لن يحصل عليه في حل سياسي على مقاس مصالحه الامنية والعسكرية والجغرافية.
من هنا، فان وقف الحرب “الاسرائيلية” على لبنان، لا يبدو انه بشروط العدو ، بل بما جاء في الرد اللبناني على الورقة الاميركية بتطبيق القرار 1701 دون زيادة او نقصان، ولا يمكن للاميركي ان يمرر عبر آلية تنفيذ القرار الاممي، ما لم يحققه العدو الصهيوني، وهو نزع كامل لسلاح المقاومة، او تشكيل لجنة رقابة دولية على تنفيذ ما سيصدر عن المفاوضات غير المباشرة التي عاد اليها هوكشتاين، الذي خرج من لقائه مع الرئيس بري، متفائلاً بحذر بسبب الاسئلة التي طرحها عليه رئيس مجلس النواب، حول بنود واردة في الورقة الاميركية، لا سيما بما يتعلق بحق الدفاع عن النفس الذي يطلبه العدو “الاسرائيلي”، اضافة الى الضمانات التي يطلبها، ولم يلق بري اجوبة نهائية عليها من الموفد الاميركي الذي يضيق الوقت عليه.
لذلك، يحضر ملف المهجرين وتداعياته لدى المراجع الرسمية والحزبية وجمعيات تتعاطى فيه، لان الفترة الزمنية لعودتهم غير محددة، كما ان الدمار الشامل للمدن والقرى والاحياء والمباني، سيشكل عائقاً امام عودة المهجرين، الذين يلقون متابعة من اطراف عدة، فبرز تحرك لرئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” النائب تيمور جنبلاط على مرجعات روحية درزية، استكمالاً للقاء بعدران الدرزي، الذي لم يحضره لاسباب خاصة، وحضر نجله فؤاد للمرة الاولى، فزار جنبلاط الابن كلا من المشايخ ابو داو منير القضماني وابو زين الدين حسين غنام وابو علي سليمان ابو دياب، كل في خلوته في بلدته بالشوف، فاكد رئيس «اللقاء الديموقراطي» انه وفي ظل استمرار الحرب التي تبدو صعبة وطويلة، في غياب اي عامل جدي يعتد به لوقفها، وان كنا نعول كثيراً على الجهود الديبلوماسية التي تؤول في النهاية لتحقيق اي خرق يوقف الحرب وتداعياتها.
فاهتمام الحزب “التقدمي الاشتراكي” بموضوع المهجرين، ينطلق من عوامل وطنية ومجتمعية وانسانية، فركز تيمور جنبلاط في لقاءاته على ضرورة استمرار احتضان المهجرين وتقديم المساعدات لهم، والابتعاد عن الشائعات والتحريض والتعبئة، وكلها لا تصب في مصلحة وحدة لبنان وسلمه الاهلي، كما قال خلال زياراته في الجبل، او لقاءاته مع المسؤولين في الحزب وخلايا الازمة التي تتابع موضوع المهجرين، اذ يقول مصدر يتابع حركة تيمور جنبلاط، بانه حريص كثيراً على ان لا يقع اي حادث امني قد يكون فردياً ويتطور مشدداً على ما صدر عن لقاء بعدران، بان الحكومة هي المرجعية، والاجهزة الامنية والعسكرية منوط بها وحدها الامن الرسمي والتدخل في حل اي اشكال، وليس «الامن الذاتي» المرفوض من كل القوى السياسية والحزبية والمرجعيات الروحية الدرزية.
ويواصل رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” لقاءاته، فزار رئيس الحزب “الديموقراطي اللبناني” طلال ارسلان مساء امس الثلاثاء في خلدة، وتناقش في الاوضاع الراهنة وتطورات الحرب التي بدأت تداعياتها تظهر سلباً في اكثر من مكان، لا سيما في قضية المهجرين التي اتفق جنبلاط وارسلان على التعاطي معها تحت سقف بيان لقاء بعدران.
ويزور جنبلاط اليوم الرئيس ميقاتي للبحث معه في ما تقدمه الحكومة للمهجرين.