يرفض قسم كبير من أهالي القرى اللبنانية الحدودية مع إسرائيل ترك منازلهم وأراضيهم، والانقطاع عنها كلياً، رغم احتدام المواجهات بين «حزب الله» وعدد من الفصائل والمجموعات اللبنانية والفلسطينية من جهة والجيش الإسرائيلي من جهة أخرى في الساعات الماضية. يمضي هؤلاء معظم ساعات النهار التي تكون في معظم الأوقات هادئة نسبياً في منازلهم؛ لإنجاز بعض أعمالهم، وخصوصاً الزراعية منها، قبل أن ينتقلوا مساء إلى مراكز إيواء في مناطق جنوبية داخلية باعتبار أن المواجهة والقصف يحتدمان مع انطلاق ساعات المساء.
وفيما تقدر منظمة الهجرة الدولية عدد النازحين من القرى والبلدات الحدودية بـ29 ألفاً، تقول مصادر حكومية لـ«الشرق الأوسط» إن عدد هؤلاء 16570 موزعين ما بين 3912 في محافظة النبطية، و12658 في محافظة لبنان الجنوبي.
وتشير المصادر إلى أن معظم هؤلاء موجودون راهناً في مدارس ومراكز جمعيات وفي بعض النوادي والفنادق، لافتة إلى أنهم يفتقرون بشكل أساسي للفرش والحرامات وحصص النظافة الشخصية، كما الحصص التموينية وأدوية الأمراض المزمنة.
وعن تمويل احتياجات هؤلاء، تتحدث المصادر عن «مصدرين أساسيين؛ الأول خزينة الدولة حيث تعمل وزارة المالية على فتح اعتمادات للأمور الملحة. أما المصدر الثاني فعبر المنظمات الدولية التي باشرت نقل بعض الإيرادات الموجودة من برنامج إلى آخر، خصوصاً في قطاعات الصحة والغذاء والمياه، وستقوم هذه المنظمات الدولية عبر مكتب منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة بطلب دعم مالي إضافي للقطاعات الأكثر حاجة».
ويتحدث وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجار عن «أعداد متحركة للنازحين اللبنانيين باعتبار أن أعداداً منهم يوجدون في منازلهم في النهار وفي مراكز الإيواء ليلاً، ما يجعل الأرقام التي تتحدث عنها منظمة الهجرة مضخمة نوعاً ما»، موضحاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «معظم النازحين ما زالوا في منطقة الجنوب، سواء في فنادق أو منتجعات سكنية أو حتى مدارس، علماً بأننا نتجنب قدر الإمكان تحويل المدارس لمراكز إيواء باعتبار أنها غير مجهزة لمكوث الأشخاص».
ويؤكد حجار أنه خلال جولته على المناطق التي يوجد فيها هؤلاء للاطلاع على احتياجاتهم، سمع من معظم من التقاهم إصرارهم على البقاء في مناطقهم وأرضهم، «ما يحتم وضع الخطط لمساعدتهم على ذلك، ودعم صمودهم في أراضيهم ومنازلهم»، لافتاً إلى أنه خلال أسبوعين تكون وزارة «الشؤون الاجتماعية»، قد أرسلت 20 شاحنة من المساعدات لهؤلاء ومدت 200 مركز صحي بمعدات تحتاجها هذه المراكز. ويضيف: «كل المساعدات التي نقدمها حالياً هي من مخازننا، ومن هبات سابقة من الصين، باعتبار أننا حتى الساعة لم نتلقّ أي مساعدة تذكر مخصصة لإغاثة النازحين اللبنانيين».
ويشير حجار إلى اجتماعات مكثفة يعقدها مع جمعيات ومنظمات محلية وأجنبية لوضع خريطة طريق للاستجابة للحالات الطارئة، كاشفاً عن أنه يتم تجهيز مراكز إيواء إضافية في الجنوب وخارجه إذا توسعت رقعة الحرب وازدادت أعداد النازحين.
وجال حجار، كما وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي، في منطقة الجنوب في الأيام الماضية؛ للاطلاع على حاجات الناس والبلديات، حيث تم الإعلان عن العمل على رفع الجهوزية وتفعيل خطة الطوارئ.
وكما الوزارات المعنية، كذلك تشهد الجمعيات المعنية بالإغاثة حالة استنفار. وتشير ماغي نانيجيان، المتطوعة في حملة «دفى» إلى أنه تم التواصل معهم لتأمين مساعدات للأهالي الذين هجروا من قراهم إلى حاصبيا، «وقد أمنا لهم الفرش والبطانيات». وتوضح نانيجيان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن إمكانياتهم أصبحت «محدودة جداً، فلم نعد نتلقى مساعدات كما في السنوات الماضية، لكن ورغم ذلك سنكون إلى جانب الناس. والأسبوع المقبل، سننقل لهم معلبات ومواد غذائية»، مضيفة: «نحن نقوم بعمل الدولة بشكل يومي ولا ننتظر الحروب والكوارث، لكن المطلوب من الهيئة العليا للإغاثة أن تكثف عملها خاصة في حال توسعت رقعة الحرب، وهو ما لا نتمناه».
من جهته، يقول محمد ز، (63 عاماً)، وقد نزح مع عائلته إلى «تكميلية صور الرسمية الثانية»، إن «الوضع صعب باعتبار أن المدرسة غير مجهزة لاستقبال نازحين، فلا أمكنة كي نستحم، كما أن لا فرش كافية». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «نأمل ألا تتطور الأوضاع عسكرياً كي نعود في أقرب وقت إلى منازلنا؛ لأنه وفي حال العكس ستكون أحوالنا كارثية؛ لأن مقومات الصمود كانت متوافرة إلى حد كبير في حرب تموز أما اليوم فنحن أصلاً تحت الأرض».
ووضعت الحكومة خطة طوارئ لتعزيز الجهوزية لمواجهة تداعيات العدوان الإسرائيلي انطلاقاً من تجربة حرب 2006 لناحية الإغاثة والإيواء. وتلحظ الخطة إغاثة مليون نازح، عشرون في المائة منهم في مراكز إيواء لمدة خمسة وأربعين يوماً. وتعتمد بشكل أساسي على تمويل ومساعدات خارجية.