IMLebanon

نازحون أم متورّطون؟

فيديو التظاهرات التي شهدتها عرسال أمس عقب صلاة الجمعة، شكّلت هديّة لكلّ مَن حذَّر من خطر النزوح العشوائي. ها هم «نازحو» عرسال يشاركهم بعض ابناء البلدة يهتفون لـ»داعش»، يتوعَّدون الجيش اللبناني، ويَدعون «جبهة النصرة» إلى إحتلال بيروت.

عقب المداهمة التي نفَّذتها قوة من الجيش وقبضت خلالها على عدد من المتورّطين بالارهاب، خرَجت أصوات سورية ولبنانية تتَّهم الجيش اللبناني بالاعتداء على «النازحين»، وحَرق خيمهم، وبدأت حفلة تحريض مُمَنهجة ضدّ المؤسسة العسكرية، تصدّرتها قنوات عربية وشخصيات رأي عام سوريّة «معارضة» ولبنانية.

هناك مَن يستخدم قضية النزوح في إطار النزاع الداخلي، وهذا خطر على التركيبة اللبنانية ومؤسسات الدولة. الجيش لم يعتدِ على أحد، ومَن يعرف ماذا حدث في الثاني من آب الماضي، يُدرك جيداً أنّ بعض مخيمات السوريين في عرسال يشكل بيئة حاضنة للإرهاب بحكم الامر الواقع، والقرابة والمصاهرة وصلة الرحم مع المسلّحين.

المخيمات التي خرَج منها مسلّحون إرهابيون واعتدوا على نقطة الجيش في مهنية عرسال الشهر الماضي، معروفة ولها اسم وعنوان، مخيم «السوريون مرّوا من هنا»، ومخيم «التلاحم»، وعندما دخل الجيش الى هذه النقاط اعتقل مطلوبين اعترفوا بتورّطهم، ووجد أسلحة أيضاً وذخائر!

التحقيقات التي أجرَتها الاجهزة الامنية، أكّدت وجود مُنفّذي الاعتداء على عناصر الجيش بعبوة ناسفة على الطريق، داخل مخيمات النزوح، والمداهمة التي نفّذها الجيش امس الأول، اسفرت عن توقيف عشرات المطلوبين، في حين تتحدث معلومات عن وجود بعض العسكريين المخطوفين في عرسال وعند جماعات مسلّحة تتردَّد الى المخيمات.

هذا ليس كل شيء، الجيش يرصد ليلاً تحرّكات مشبوهة من المخيمات واليها، وقد خنقت إجراءاته المشدّدة حركة المسلّحين وضيّقت عليهم، فما كان منهم سوى تحريك «اهاليهم» في عرسال للتظاهر والمطالبة بضرب الجيش والاعتداء على لبنان ودخول «التكفيريين» الى العاصمة.

لا يتَّعظ اللبنانيون من التجارب. استخدام ملف اللجوء الفلسطيني في النزاع الداخلي فجّر لبنان عام 1975، وأثّر في تركيبته الديموغرافية.

ويبدو أنّ ثمّة مَن يريد اليوم استثمار هؤلاء ديموغرافياً ليحسم البعد العددي في لبنان على حساب بقية المكوّنات. وإلّا لماذا يتنطح محامو أحد التيارات ونشطائه للدفاع عن كل إرهابي تعتقله الدولة، وعن كل مشبوه يتمّ إيقافه والتحقيق معه؟ هل يحقّ لنازح او لاجئ حمل السلاح وتهديد الأمن اللبناني وأن يكون جزءاً من النزاع الداخلي؟

أصبح ملف النزوح واللجوء خطراً كبيراً يُهدّد الصيغة اللبنانية برمتها. ولا شكّ في أنّ مَن يقف خلف هذا المخطط يهدف الى التفتيت والتقسيم، ولن يقبل احد من المكوّنات اللبنانية بغلبة عددية يقوم بها فريق معين، مستعيناً بالسوريين والفلسطينيين، فهذا الامر رفض في السابق، وأدّى الى حرب، وقد يتكرَّر السيناريو اذا لم نبدأ بالحديث الصريح عن هذه القنبلة الموقوتة.

لا بدّ بدءاً من مغادرة الكلام الانساني الذي يستبطن رؤى ومخططات سياسية. لبنان لم يعد يتحمّل هؤلاء، ولا بدّ من إيجاد حلول تعيدهم الى ديارهم، أو ترسلهم الى مخيمات اللجوء في دول اكثرَ قدرةً مثل تركيا والاردن، أو الى المناطق التي يختارونها في سوريا وتسيطر عليها المجموعات المسلّحة.

الحديث عن مخيمات على الحدود سيكون مرفوضاً لبنانياً لأنّ أيّ عاقل لا يزرع مشكلة «ابدية» في خاصرته، إلّا إذا أراد تغيير تركيبة البلد. وإذا كان تيار «المستقبل» وقوى «14 آذار» يعتبرون أنّ لبنان أولاً بالفعل.. عليهم العمل جدياً على إبعاد كلَّ مخلٍّ بالامن او مرتبط او مشبوه، وهم كثر بين مَن يحملون صفة «نازح».