تكتسب زيارة الرئيس الالماني فرانك فالترشتانماير لبيروت يوم الاثنين المقبل، اهمية خاصة في ضوء عمق العلاقات اللبنانية ـ الالمانية والمصالح المشتركة التي تجمع البلدين في العديد من القضايا المطروحة على الساحة الاقليمية والدولية.
وتفيد مصادر ديبلوماسية بارزة، بأن الرئيس الالماني كان شغل منصب وزير للخارجية في بلاده على مدى سنوات، وهو يعرف لبنان وقضاياه جيداً، وزاره مراراً بهذه الصفة، كما انه يعرف المنطقة جيداً.
وتقول هذه المصادر، ان المانيا تؤدي دوراً ايجابياً بين العرب واسرائيل، فهي سابقاً عملت على تبادل الاسرى بين «حزب الله» واسرائيل، فأُطلق سراح الرهائن اللبنانيين، وتم في المقابل نقل رفاة الجنديين الاسرائيليين الى اسرائيل. والمانيا اذاً تتمتع بدور محوري واساسي في الوساطة النزيهة بين الجانبين. واذا كانت المنطقة مقبلة على حلول، فيمكن لالمانيا ان تلتمس الدور الايجابي الذي يمكن ان تؤديه، وهذا لا يزعج لبنان، بل على العكس، لا سيما وان علاقات متينة تربطه بالمانيا.
والرئيس الالماني، وفقاً لهذه المصادر، يأتي الى لبنان مستمعاً اكثر منه عارضاً لأية افكار جديدة. وهو سيستكشف من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الافق حول مستقبل المنطقة، وموضوع النازحين السوريين الذي يهم المانيا، خصوصاً وان المانيا تعتبر اكثر بلد في اوروبا استوعب نازحين، ويهمها الحفاظ على استقرار لبنان ومنع تدهور وضعه، لانها تخاف ان اية ظروف لبنانية غير مستقرة قد تؤدي الى هروب النازحين في اتجاهها وهي لم تعد قادرة على تحمل استضافة المزيد منهم.
فضلاً عن ذلك سيتناول البحث، بحسب المصادر، ما يمكن ان تقدمه المانيا ذات الاقتصاد القوي، من مساعدات وقروض ميسرة، وهبات للاقتصاد وكذلك مساعدة الجيش اللبناني عبر المعدات والخبرات، واجهزة الاتصالات، ثم مساعدة لبنان في ايواء النازحين السوريين. فالمانيا لا تريد استمرار تدفق النازحين الى اراضيها، ولبنان يريد عودتهم الى ديارهم. ومن منطلق هذا التقارب في وجهات النظر حيالهم بين لبنان والمانيا، سيطلب لبنان الدعم الالماني في تسهيل الحل السياسي في سوريا لعودة النازحين في اسرع وقت ممكن الى ديارهم. ويذكر هنا، ان المانيا تساهم في الاساس مساهمة فاعلة في الدعم المالي الدولي للنازحين، لكن يمكن بالامكانات المالية ذاتها ان تسدد لهم وهم في بلدهم.
وتكشف المصادر، ان البحث سيتركز ايضاً، على الدور الالماني في القوة الدولية العاملة في الجنوب بموجب القرار ١٧٠١ «اليونيفل»، لا سيما وان لبنان مقبل على مرحلة مهمة، وهي التنقيب عن الغاز والنفط. والمانيا بحكم دورها بالقوات البحرية في «اليونيفل» يمكنها ان تؤدي من خلاله دوراً في التهدئة مع اسرائيل تلافياً لأي اعتداء على عملية التنقيب في البحر، وكل مقوماتها. وبالتالي، لبنان يطلب من المسؤول الالماني ان لا تعتدي اسرائيل على اي استثمار حيوي في لبنان، وان لا يحصل اي تدهور في اوضاع الجنوب ولبنان بشكل عام من اجل الحفاظ على مسيرة التنقيب.
والمانيا مهتمة باستقرار لبنان، لذلك سيتم البحث ليس بدعم عسكري ضخم، لكن بالدعم بالخبرات وتبادل المعلومات بين الاجهزة الامنية في البلدين لا سيما حول كشف الخلايا الارهابية في مراكز التجمعات للنازحين او غيرهم. ان علاقات لبنان مع كل الدول الصديقة في مجال تبادل المعلومات والخبرات واستعمال الآلات الحديثة، له بالغ الاهمية في الابقاء على الوضع اللبناني مستقراً وآمناً.
كذلك سيتم البحث في المؤتمرات الثلاثة التي ستنعقد قريباً لدعم لبنان، وهي تأتي في اطار مجموعة الدعم الدولية، وستشارك المانيا فيها مشاركة اساسية. وهذه المؤتمرات هي: اعادة الاعمار ودعم الاقتصاد في باريس، وفي روما مؤتمر دعم الجيش اللبناني، ومؤتمر دعم لبنان في ايواء النازحين في بلجيكا. ولبنان يحتاج كل هذا الدعم، ويهمه الاستمرار في تمتين العلاقة بينه وبين المانيا، ومع المجتمع الدولي ايضاً، والذي لطالما عمل على استقرار الاوضاع فيه. وسيطلب لبنان من الرئيس الالماني دعمه في ان يكون مركزاً دولياً في اطار الامم المتحدة لحوار الحضارات والثقافات والاديان. وسيشير امامه الى ان الصيغة اللبنانية هي نموذج للعالم. وفي وقت تعاظم التطرف عبر «داعش» و«النصرة»، فان لبنان يبقى نموذجاً مضاداً لذلك، وصيغته تعبر عن التعايش، والانفتاح، والحوار. ومن المتوقع ان ترحب المانيا بهذا الطلب.
والرئيس الالماني محب للبنان، وهي الزيارة الثانية على هذا المستوى منذ ١٢٠ سنة، وهو لديه نظرة خاصة له، والمانيا جاهزة لاي دعم يطلبه لبنان في مجال الاستقرار والامن والتنمية الاقتصادية.