رسالة تضامن وصمود
حمل الإفطار الجماعي الذي نظّمته “كشافة المسلم في مفوضية الجنوب” بالتعاون مع جمعية “التعاون والتنمية”، للمرة الأولى في أحد مراكز الإيواء في صيدا، رسالة تضامن وصمود وتأكيد على أن النازحين والمضيفين عائلة واحدة.
داخل مركز الإيواء – ثانوية الدكتور نزيه البزري الرسمية، أحضرت النساء النازحات من قرى وبلدات الجنوب عاداتهنّ وتقاليدهنّ، حيث تعاونت أربع منهنّ في إعداد خبز “المرقوق”، فيما كان متطوّعو الكشافة يحضّرون الطاولات والكراسي في الملعب، وقد أحضروا الفول والحمص والبيض المسلوق.
تشرح حياة “أم علي”، وهي تخبز “المرقوق” فوق صفيح ساخن: “الخبز عبارة عن طحين وماء وملح وخميرة، ويكون عادة غير سميك وأكله سهل وطيب، وأبناء القرى الجنوبية اعتادوا تناوله في الفطور والعشاء”. أما رفيقتها فاطمة “أم حسين” فتقول: “إعداد المرقوق أعادنا إلى ذكريات البلدة الجميلة، أتمنى أن أعود قريباً إلى منزلي، وسأقبّل الأرض والتراب وأشكر الله على سلامتنا”.
والهدف من هذا الإفطار الجماعي هو تخفيف الحزن والمعاناة عن النازحين، ودعم صمودهم بعد وصول أنباء عن مقتل عدد من ذويهم وأقاربهم في الجنوب الذين ما زالوا صامدين هناك، ناهيك بتدمير أو تضرّر منازلهم الذي وصفوه بأنه جنى العمر.
وفي أجواء من الألفة والتآخي والمحبة، تعاون المضيفون والنازحون في إعداد الإفطار. مفوض “الكشاف المسلم في مفوضية الجنوب”، رامي بشاشة، أشار لـ “نداء الوطن” إلى أنّ “هذه المبادرة، التي تعتبر الأولى من نوعها بعد شهرين على النزوح، هي رسالة مزدوجة: تضامن وصمود، ومحبة وتآخٍ تعكس روح العائلة اللبنانية الواحدة بكل أطيافها وطوائفها ومناطقها، وتهدف إلى تخفيف ضغوط النزوح”.
وتُعتبر ثانوية البزري الرسمية واحدة من أكبر مراكز الإيواء في صيدا، إذ تستضيف نحو 142 عائلة نازحة، مؤلفة من 850 شخصاً، موزّعين على قسمي الثانوية في الصفوف والأروقة الداخلية. وقد جرى في الآونة الأخيرة تجهيزها بالمياه الساخنة للاستحمام، على أن يفتتح مطعم جماعي، يُمكّن العائلات من طهي الطعام الذي تريده.
ولفتت الناشطة بارعة بوجي إلى أن “الإفطار الجماعي ليس مجرّد تناول الطعام والشراب معاً، بل هو تشديد على أنه رسالة محبة وتقاسم الحلو والمرّ في هذه الأوقات العصيبة. نحن أبناء وطن واحد ومصيرنا واحد”. من جهتها، تقول النازحة مريم اللبن: “لا نشعر أننا نازحون بل نحن بين أهلنا. يعاملوننا أحسن معاملة، وسنبقى صامدين وصابرين بفضل هذه المعاملة وهذا الدعم”.
ويساور هؤلاء مخاوف من أن تطول فترة النزوح عن القرى والبلدات الجنوبية بسبب الحرب الإسرائيلية والتدمير الممنهج للأحياء والمنازل السكنية، في وقت لا تتوقّف فيه المبادرات الفردية والجماعية لاحتضانهم وتوفير احتياجات العيش الكريم. وقد بلغت آخر إحصائية نحو 8 آلاف نازح موزعين على 24 مركز إيواء في مدينة صيدا وحدها.