عندما أعلن حزب الله عن استشهاد أمينه العام السيد حسن نصر الله ، انفجرت مشاعر أبناء بيئة المقاومة التي تعاني اليوم من النزوح وترك القرى والمدن والمنازل، فكان وقع الخبر صادماً، أشعل المشاعر وفجر الدموع، فخرجت تجمعات شعبية أمام مراكز الإيواء، ومسيرات في الشوارع القريبة، لنعي الأب الروحي لهذه الأمة.
من الأهداف التي تريد “إسرائيل” تحقيقها من خلال اغتيال السيد نصر الله تفتيت الجبهة الداخلية للمقاومة، وإشعال البيئة وضرب الاستقرار الداخلي، لأن المفجوع والمهجر سيُقدم على ردات فعل خطرة، قد تُطيح ما تبقى من استقرار داخلي، خصوصاً أن النزوح انتشر في كل المناطق اللبنانية، لذلك كان الرد الأول على الاغتيال هو منع العدو من تحقيق هذا الهدف.
بحسب مصادر عاملة على خط ملف النزوح فإن الوضع العام للنازحين خطر جداً، لأن التعبئة النفسية لدى النازحين ضخمة، لذلك تم ضبط كل مراكز الإيواء ومنع النازحين من الخروج بعيداً عن محيط المراكز، لمنع أي تصادم مع الآخرين، كاشفة أن هناك بعض التجاوزات التي حصلت في منطقة الحمرا على سبيل المثال.
وتشدد المصادر أن توقيت تنفيذ عملية الاغتيال خلال هذه الحرب، وفي ظل نزوح حوالى مليون شخص، كان المقصود منه ضرب النازحين بأبناء المناطق التي نزحوا إليها، وضرب الثقة بين البيئة والمقاومة، وأيضاً ضربها بين البيئة وإيران، وهو ما برز على وسائل التواصل بعد تنفيذ العملية.
في مراكز الإيواء تسيطر المشاعر على عقول النازحين، لذلك كان الحرص على محاولة ضبط هذه المشاعر، رغم بعض التوتر بين النازحين وبعض اصحاب الغرائز . ففي أحد المراكز في بيروت على سبيل المثال، بعد اعلان استشهاد السيد نصر الله خرجت أصوات تعود لنازحين سوريين لتحتفل بالخبر، الأمر الذي كاد يفتح الباب أمام صراعات كبيرة بين اللبنانيين والسوريين في المركز، ما دفع القيمين على المركز الى طرد أصحاب أصوات النشاز للحفاظ على الاستقرار.
تعاني مراكز الإيواء اليوم من غياب شبه كامل للدولة، وتعتمد على المبادرات الأهلية والحزبية، وتُشير المصادر إلى أن أجهزة الدولة لم تقدم سوى 10 في المئة فقط من حاجات النازحين، بينما ساهمت المبادرات الأهلية والفردية في تغطية النقص، إنما المشكلة في أن الأزمة قد تكون طويلة، والحماس قد يخفت والقدرة ستنقص. وبالتالي، تحذر المصادر من أن الاستقرار الذي يسيطر الى حد ما على مراكز الإيواء، قد لا يستمر طويلاً بسبب كل النقص الذي سيتحقق.
وتتوقف المصادر عند غياب المنظمات الدولية أيضاً، كاشفة أن هذا الغياب مقصود، ويشبه الغياب الذي رافق الحرب على غزّة، فالتقديمات تكاد تكون معدومة أو بالحدّ الأدنى قليلة جدا.
الى جانب الحرب العسكرية هناك الشق المتعلق بالنازحين، وهذه الأزمة لا تقل خطورة عن الحرب، خصوصاً إذا لم يتم الاعتناء بها كما ينبغي، والواجب هو التحذير منها قبل أن تنفجر بوجه الجميع في هذه الظروف الدقيقة.