IMLebanon

المكونات المسيحية مرتابة من مخطط خبيث للتوطين

 

التوصية النيابية بالإجماع خارطة طريق للخروج من مأزق النزوح

 

شكلت الجلسة النيابية التي خصصت للبحث في ملف النزوح وتداعياته، وما صدر عنها من توصية تتضمن تسع نقاط، محطة أساسية في إطار فتح هذا الملف الذي يثقل كاهل اللبنانيين منذ أكثر من عشر سنوات، وبالنظر إلى المخاطر التي تتهدد اللبنانيين في حال استمر الوضع على ما هو عليه دون معالجة . ورغم أن التوصية الشاملة التي صدرت، تعتبر خطوة أساسية وهامة، في إطار رفع الصوت من أجل وضع ملف النزوح على سكة الحل، بعدما ضاق الشعب اللبناني ذرعاً بممارسات النازحين على أكثر من صعيد . وهو ما تبدى بوضوح من خلال الإجماع النيابي على أهمية الجلسة التي عقدت، بالرغم من تفاوت الآراء والمواقف حيال هبة المليار دولار الأوروبية . لكن ما يمكن استخلاصه من نتائج الجلسة النيابية، أنه ما عاد بمقدور اللبنانيين تحمل تبعات النزوح، وأنه لا بد من حل جذري لهذه المشكلة التي ترهق كاهل اللبنانيين، بحيث باتوا عاجزين في ظل إمكاناتهم المحدودة عن الاستجابة لمتطلبات النزوح التي لا تنتهي، في ظل رفض المجتمع الدولي الاستجابة لمطالب لبنان، بتسهيل عودة هؤلاء النازحين إلى بلدهم، بعد استقرار الأوضاع الأمنية في سورية .

وتؤكد مصادر نيابية، أن توصية النقاط التسع التي صدرت عن الجلسة النيابية، يمكن النظر إليها على أن بمثابة خارطة طريق للخروج من مأزق النزوح الذي وضع لبنان في موقف لا يحسد عليه . وهذا ما يتطلب أن يبدأ المسؤولون تحركاً في أكثر من اتجاه من أجل وضع هذه التوصية موضع التنفيذ، من خلال تعاون حكومي نيابي مشترك، يوصل إلى خطوات تؤدي إلى الأخذ بالنقاط التسع من جانب جميع الأطراف، مشددة على أن التواصل مع النظام السوري، في موازاة التشديد على ضرورة قيام المجتمع الدولي بما يترتب عليه، من أجل التخفيف عن كاهل اللبنانيين، من العوامل الأساسية الهادفة إلى ترجمة هذه النقاط على أرض الواقع، وبما يدفع جميع الأطراف إلى تحمل مسؤولياتها تجاه هذا الملف الذي يفرض نفسه أولوية على ما عداه، على أهمية سائر الملفات التي تقض مضاجع اللبنانيين هذه الأيام .

 

وتوقعت المصادر أن تبدأ الاتصالات بين لبنان، من خلال اللجنة التي جرى تشكيلها والحكومة السورية في وقت قريب، سيما وأن الجانب اللبناني مستعجل، لوضع موضوع النزوح على طاولة البحث مع دمشق المعنية به أكثر من غيرها، باعتبار أن تجاوب الحكومة السورية، والتسهيلات التي ستقدمها، من الأسباب الأساسية التي تساعد على تأمين عودة ناجحة للنازحين، في وقت تتجه الحكومة اللبنانية إلى تكثيف قنوات التواصل مع المجتمع الدولي والمنظمات التي تقدم مساعدات مالية للنازحين، لوضعها في أجواء ما خلصت إليه الجلسة النيابية، توازياً مع بدء إجراءات ميدانية من جانب السلطات اللبنانية، لإبعاد النازحين غير الشرعيين، أو أي سوري يقيم في لبنان بشكل غير قانوني . وهو أمر بدأ تنفيذه في الأيام القليلة الماضية على طول الأراضي اللبنانية، إلى جانب تسيير المزيد من الرحلات الطوعية لعدد كبير من العائلات النازحة إلى الأراضي السورية .

 

وفي وقت لم تخل كلمات بعض النواب من انتقادات لحكومة تصريف الاعمال ورئيسها نجيب ميقاتي، إلا أن كلمة الأخير في الجلسة النيابية، قد أضاءت برأي المصادر على الكثير من النقاط التي أثيرت حولها الشكوك من قبل هؤلاء النواب، سيما بتأكيد الرئيس ميقاتي أن هذه المساعدات غير مشروطة بأي شروط مسبقة او لاحقة، ولم يتم توقيع اي اتفاق مع الاتحاد الاوروبي بشأنها، بل هي استمرار للمساعدات السابقة”، في إشارة إلى هبة المليار دولار، بعدما أصر لبنان من خلال ما أشار إليه الرئيس ميقاتي، على ان تكون المساعدة المقدمة للنازحين السوريين هي لتشجيعهم على العودة الى بلادهم وليس للبقاء في لبنان، سيما وأنه لم يعد خافياً على أحد، أن القسم الاكبر من سوريا بات آمنا للعودة. وتشير المصادر، إلى أن لبنان يخشى جدياً، من انفجار أمني واجتماعي لملف النزوح الذي أصبح ككرة النار، كما أكد الرئيس ميقاتي، والتي لن تنحصر تداعياتها على لبنان بل ستمتد الى اوروبا لتتحوّل الى ازمة اقليمية ودولية، سيما بعد كلام الأمين العام ل”حزب الله” حسن نصرالله الذي دعا إلى فتح البحر أمام النازحين للتوجه نحو أوروبا، في إطار ممارسة الضغوطات على دول القارة العجوز، للاستجابة للمطالب اللبنانية المتصلة بهذا الملف .

 

وفي حين أبدت المصادر النيابية، ارتياحها لما صدر عن الجلسة النيابية، باعتبار أنه كان بإجماع النواب الحاضرين، فإنها كشفت أن التوصية النيابية في موضوع النازحين، ستكون محور المحادثات التي سيجريها الرئيس ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب مع الوفد المرافق للرئيس السوري بشار الأسد إلى القمة العربية التي ستعقد، اليوم، في مملكة البحرين، إضافة إلى اللقاءات التي ستجمع ميقاتي وبوحبيب مع عدد من الرؤساء والقادة العرب، سيما وأن ملف النزوح بات يحتل الأولوية على سلم الأولوية اللبنانية . وقد جاءت توصية النقاط التسع النيابية، وتعهد الحكومة العمل على تنفيذها، لتعطي دفعاً قوياً لهذا الملف، على طريق الحل بالتعاون مع جميع الأطراف المعنية، وعلى غرار ما هو معمل به في دول المنطقة التي تستضيف نازحين . وأكدت أن هناك مسؤولية على “الثنائي” في الطلب إلى حليفه النظام السوري تسهيل عودة مواطنيه، وهو ما يمكن التعويل عليه، في ظل التأييد الذي أبداه “أمل” و”حزب الله” للتوصية النيابية، ما يؤكد أن الشعب اللبناني بمختلف انتماءاته، بات يحس بوجع النزوح، وضرورة إيجاد حل سريع لمشكلاته .

لكن في المقابل، فإن هناك ارتياباً جدياً من جانب قسم كبير من المكونات المسيحية في لبنان، من أن يكون ما يجري جزءاً من مخطط خبيث يرمي إلى توطين النازحين في لبنان. وهو ما أشار إليه رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الذي تحدث عن مخطط لتفكيك دول المنطقة بما يخدم إسرائيل وعملية الفرز السكاني وإجبارهم على الهجرة يأخذنا إلى كيانات أحادية، وما أبداه من خطر وجودي حقيقي على لبنان، في ظل لا مبالاة دولية من موضوع النزوح ومخاطره على لبنان .

وليس أدل على ذلك، اعتبار رئيس “العوني”  أن جوهر الهبة الأوروبيّة هي منع عودة السوريين إلى بلدهم وتمويل بقائهم في لبنان ومنع توجههم نحو أوروبا.

وتشديده على أن التعاطي بملف النزوح السوري يجب أن يكون بين الحكومة اللبنانية والحكومة السورية والاجراءات اللبنانية يجب أن يكون سقفها القانون اللبناني والكرامة الإنسانية للمواطن السوري .”