اتخذ ملف النزوح حيزاً مهماً في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة نظراً لما لهذا الملف من تداعيات خطيرة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية في لبنان، ونظراً الى حجم هذه المشكلة وضخامة الاعباء التي يتحمّلها البلد بسبب العدد الكبير للنازحين قياساً بعدد سكانه الأصليين.
يقر الجميع من مسؤولين وبعثات دولية بحجم أزمة النزوح وضخامة الاعباء التي يتحملها لبنان جراء تداعياتها، لكن وفق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون «لا إجراءات مهمة اتخذت حتى الآن بهدف المساعدة على معالجتها».
واستصعب رئيس الجمهورية في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة احتمال اللجوء الى انشاء أماكن آمنة في سوريا لعودة جزء من النازحين الى سوريا، عازياً ذلك لأن المعنيين غير موافقين على أن تكون بإشراف الامم المتحدة، بل يريدونها تحت إشرافهم المباشر بحجة أن الامر يمس السيادة الوطنية. اما رئيس الحكومة من جهته، فيقول «أن لبنان بات بأكمله اشبه بمخيم للاجئين».
إزاء هذا الواقع، يشير رئيس مؤسسة «لابورا» الاب طوني خضرا لـ«الجمهورية» الى ان الاوضاع الاقتصادية تعاني من جمود مخيف، لافتاً على سبيل المثال الى ان المؤسسة كانت تستقبل كل يوم ثلثاء طلبات عمل من نحو 25 شابا وفتاة، اما اليوم فهي تستقبل نحو 60 طلباً في اليوم، الملفت أن طالبي العمل لديهم ما يزيد عن 7 سنوات من الخبرة، ويبحثون عن عمل بعد فصلهم من عملهم السابق واستبدالهم بيد عاملة اجنبية.
تابع: في السابق، كان في مقدورنا ان نوظّف 22 طالب عمل من أصل 60 اما اليوم، منذ شهر كانون الاول الى شباط اي خلال 3 اشهر تمكنا من تأمين وظائف لـ4 اشخاص فقط. وتظهر هذه الوقائع حجم الأزمة الكبيرة التي يعاني منها لبنان، وبالتالي اؤكد انه لن يكون في مقدورنا ان نستمر على هذا النحو، فالاوضاع لا بد ستنفجر لكن لا نعرف متى؟
وكشف خضرا انه في احدى مناطق الاطراف تضامن النازحون وأعلنوا الاضراب عن العمل لمدة 4 ايام، مطالبين بأن يؤمن لهم السكان او البلدية المياه والكهرباء مجاناً. والمؤسف ان كل الاشغال تعطلت في المنطقة ما اضطر اهاليها للرضوخ لمطلب النازحين، فوعدوهم بتوفير هذه الخدمة مقابل ان يعودوا الى العمل.
وخلال هذه الفترة اقامت رئاسة اتحاد البلديات دراسة في هذه المنطقة شملت 8500 نازح سوري ليتبين انه من أصل 8500 نازح هناك 6700 نازح يعملون في هذه المنطقة يصل مجموع دخل الفرد مضافاً اليه مجموع ما يتقاضونه من مساعدات من الامم المتحدة والمؤسسات الدولية الى 840 دولاراً.
ويتخطى مدخول العائلة احيانا اذا كان فيها 4 عمال الـ 2500 دولار. للاسف، تشهد هذه المنطقة نزوحاً كثيفاً لسكانها الاصليين نحو المدينة لعدم توفر فرص العمل لابنائها.
أما عن المطلوب اليوم لمواجهة هذه الآفة، قال خضرا: ان من المشاكل الكبيرة التي خلّفتها الحروب في العالم العربي هي أزمة النزوح السوري، ونأمل ألا تكون هذه الأزمة مقصودة. انطلاقا من ذلك نقول ان وزارة العمل تحاول معالجة الملف انما للأسف لا تملك الامكانات الكافية، فهي تعاني من نقص في اليد العاملة.
وللغاية، دعا الاب خضرا المؤسسات غير الحكومية للتعاون مع وزارة العمل، بحيث تعوّض النقص عبر التعاقد مع 500 من شباب لبنان يعملون على تطبيق قانون العمل اللبناني على ان تحاسب كل مؤسسة مخالفة بالتنسيق مع اجهزة الوزارة واجهزة أمن الدولة.
وتساءل هل مسموح اليوم ان يقفل اللبناني مطعمه او متجره بسبب منافسة التاجر السوري له الذي عدا عن المساعدات التي يحصل عليها من المؤسسات الدولية يتهرب من دفع الضرائب للدولة فتصبح اسعاره زهيدة، بحيث لا يقوى اللبناني على المنافسة فيقفل متجره ويصرف اليد العاملة اللبنانية، في حين ان السوري يشغل يدا عاملة سورية.
ودعا الأب خضرا في الختام الى ضرورة التنبّه الى مشكلة أخرى لا تقل خطورة «تتمثل بكون عدد النزوح في بعض قرى الاطراف تخطى عدد السكان الاصليين، لذا يجب التحرك كون قوة النزوح باتت مخيفة، ونطالب بمعالجة الملف بعيداً عن التسييس قبل ان ينفجر وتطال تداعياته كل لبنان».