IMLebanon

تهجير المسيحيِّين من الدولة… وكل الخيارات مفتوحة

يقترب الوضع الحكومي من استحقاقات كبيرة. والعماد ميشال عون مزعوج للغاية بسبب ما جرى في مجلس الوزراء، وما قاله أمس بُعَيد الاجتماع الاستثنائي لتكتل «التغيير والاصلاح» يمكن اعتباره بمثابة «البيان رقم واحد» تمهيداً لمرحلة جديدة من التصعيد بوَجه التهميش ومَنع المسيحيين من الشراكة الميثاقية.

مصادر في «التيار الوطني الحر» حذّرت من منطق الاستفراد بالحكم وتهميش المكوّنات الاساسية، وبالتالي وَضع البلاد أمام اختبارات قاسية وصعبة، وفتح المجال «مجدداً» لكلّ أنواع المداخلات الخارجية وما يَترتّب عليها من صدامات وربما حروب أهلية.

يقول العماد عون في مجالسه الخاصة انّ فريق «المستقبل» يتمادى كثيراً في «إخراج المسيحيين من دائرة الشراكة في الدولة»، وهذا ما يمكن وَضعه في إطار «الانقلاب» على الصيغة والميثاق والشراكة الوطنية.

لم يفصح الجنرال أمام الاعلام عن خياراته حتى الآن، ولكنه سيبدأ، بحسب المعلومات، بالتصعيد التدريجي وصولاً الى الشارع. كل الخيارات مفتوحة بعد جلسة مجلس الوزراء أمس، خصوصاً بعد إقرار أحد البنود بتوقيع النصف زائداً واحداً من الوزراء، وذلك بخلاف الآلية المتّفَق عليها منذ تشكيل الحكومة، والتي تقضي بتوقيع كل الوزراء على المراسيم الصادرة عن الحكومة.

مصادر في «التيار الوطني الحر» أشارت الى أنّ «ما جرى في جلسة الأمس هو الحدّ الفاصل بين مساعي التسوية والتفاهم أو التصعيد. واتخاذ قرار في الحكومة بالنصف زائداً واحداً يُعتبر «إعلان حرب على الحضور المسيحي في الدولة، واعتداءً على الدستور وميثاق العيش المشترك، وعلى هذا الأساس سيتصرّف تكتل «التغيير والاصلاح» والحلفاء.

لم يعد مسموحاً التمادي في الاعتداء على حقوق المسيحيين والامعان في تهميشهم. كأنهم مصرّون على افتعال مشكلة مع المسيحيين، وهذا عمل مَشبوه في الظروف الحالية، خصوصاً ونحن نرى تهجيراً للمسيحيين من سوريا والعراق عبر التنظيمات الارهابية التي يتحالف معها فريق 14 آذار في لبنان.

وتروي المصادر عينها أنّ وزراء التكتل ذهبوا الى جلسة الحكومة أمس بروحية وفاقية، ولكن من دون التنازل عن ثابتتين أساسيّتين: التعيينات الامنية والعسكرية، وملف عرسال والحالة الشاذّة على الحدود. وقد رفض وزراء التيار الدخول في نقاش أيّ بند قبل إقرار هذين البندين.

لكنّ رئيس الحكومة ووزراء 14 آذار رفضوا حتى مناقشة الأمر، والأخطر أنهم اتخذوا قرارات حكومية بأصوات 13 وزيراً، وهذا مخالف لآلية عمل الحكومة في غياب رئيس الجمهورية، وفي العمق هو إمعان في اعتبار المسيحيين جزءاً هامشياً من المكوّنات اللبنانية، والتعاطي معهم على هذا الاساس.

إجتماع تكتل «التغيير والاصلاح» الاستثنائي، والبيان الصادر بعده عن العماد عون هما خطوة تحذيرية، ومحاولة تصويب هذا الخَلل الهائل. ولكن إذا واظَبوا على عملية «تهجير المسيحيين من القرار السياسي والدولَتي، سوف تكون للمسيحيين خطوات من شأنها تصحيح هذا الخلل ومَنع الاستفراد بالحكم.

كلّ الخيارات مطروحة، ولكن لا استقالة للوزراء لأننا لن «نَتركها لهم»، أي الحكومة. ولن نكرّر خطأ حزب الله وحركة أمل عام 2006، حيث حكمَ فؤاد السنيورة البلد من دون المكوّن الشيعي «ولم يَرفّ له جفن». وبناء على تجربة الشيعة مع الحريرية السياسية لن يخرج المسيحيون من الحكومة، ولكنهم سيقومون بنضال سلمي يومي قانوني دستوري لاستعادة الدور والشراكة».

وتشير أوساط التيار الى أنّ «مسألة الدفاع عن حقوق المسيحيين قضية مسيحية جامعة، وستتوَحّد الاحزاب المسيحية خلفها. إعلان النوايا بين التيار والقوات يخدم في هذا الاتجاه، أمّا المردة فهم جزء أساسي من المعركة، والكتائب ليست بعيدة عن «رفض المَسّ بآليّة عمل مجلس الوزراء المُتّفَق عليها». ومَن يراهن على أن يكون تصعيد الموقف على الارض «مشروع صدام مسيحي-مسيحي» عليه الكَفّ عن هذا الوَهم، والعمل على إعادة التوازن الى الدولة بَدل شَلّها كلياً وتدميرها بالاستفراد.