IMLebanon

النزوح الكثيف والمستمر «كابوس».. ويمرّ!

 

ما هو وضع اللاجئين السوريين في لبنان بالنسبة الى الدولة اللبنانية، وهل من نيات دولية يستشعرها بغرض «التوطين» مستقبلاً؟!

ينتظر لبنان أن ترد الهيئة العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة في غضون الأيام المقبلة على المذكرات التي وجّهت إليها من الوزارات اللبنانية المهتمة بأوضاع اللاجئين السوريين طبقاً لسياسة لبنان المتصلة بالنزوح، والتي أقرّها مجلس الوزراء.

ووفقاً لمصادر ديبلوماسية بارزة، فإنه يجب على أي جهة خارجية ألا تعطي لبنان دروساً في استقبال النازحين الذين يقدر عددهم الرسمي بمليون و300 ألف. بل يجب شكره على استضافتهم وتأمين مقومات العيش لهم.

إذ لم يمت أحد منهم من الجوع أو من البرد، بل يتم تأمين سقف لهم ولا أحد منهم ينام في العراء. لبنان ضمن قدراته المتواضعة والمحدودة يقوم بواجباته في توفير الكهرباء والمياه والخبز، وكل ذلك مدعوم. حتى النفايات تقوم الخزينة بدفع ما يستوجبه هذا الموضوع، فضلاً عن الصرف الصحي، والمدارس والطبابة. لبنان تكبد منذ 3 سنوات ونصف السنة وحتى الآن 7,5 مليارات دولار على استضافته للنازحين السوريين.

ولا يوجد أي بلد في العالم، وفّر لهؤلاء النازحين من المبالغ المالية ما وفّر لهؤلاء النازحين من المبالغ المالية ما وفّره لبنان، وهو فخور بما قدمه على الرغم من أنه يتحمل عبئاً بشرياً ومادياً واقتصادياً وأمنياً يتعدى في بعض المراحل مرحلة العبء الى «الكابوس».

سياسة الحكومة اللبنانية هي وقف النزوح تماماً، ما عدا حالات استثنائية جداً وضيقة في المجال الإنساني. ومن بعد وقف النزوح، هناك العمل المستمر على خفض عدد الذين تسجلوا على أنهم نازحون. وأي نازح لا تنطبق عليه شروط النزوح الحقيقي يجب نزع هذه الصفة عنه، لا سيما وأنه يحرم من لديه هذه الصفة حقيقة من حصته الكاملة من الدعم. إذ يجب على هيئة الأمم المتحدة للاجئين ألا تسجل إلا من تعطيه وزارة الشؤون الاجتماعية صفة نازح.

على الحكومة دور المراقبة وضرورة أن تلتزم الهيئة بسياسة الحكومة، وهي ستلتزم، لأن لكل دولة سيادتها.

لبنان يطلب من هذه الهيئة كل المعلومات التي لديها عن النازحين الذين سجلتهم. وفي ضوء تجربة وزارة الشؤون يجب نزع صفة النازح أو اللاجئ عن كل من ينتحلها. 

وتتوقع المصادر، أن 50 في المئة ممن تم تسجيلهم نازحين يجب أن تُنزع عنهم هذه الصفة. لا يجوز استمرار اللجوء الكثيف في لبنان وهو موضوع غير مقبول ولبنان ليس دولة معدّة للنزوح الكثيف وبقاء النازحين فيها، مع أن لبنان دولة شقيقة تحتضن الشعور الإنساني على أعلى مستوى. وطلب المعلومات يأتي لكي يكون التعامل مع هذا الملف كما يجب. إذ على الهيئة تسجيل النازح بعد أن تعطيه وزارة الشؤون هذه الصفة.

ثم هناك الوضع الأمني الذي يتأثر بوجود هؤلاء على أراضيه. لذلك تشير المصادر، الى أن لبنان يحتاج الى دعم لوضعه الأمني بعدما سجل خللاً بسبب كثافة النزوح والضائقة الاقتصادية، والحكومة مُلزمة برعاية شعبها من كافة النواحي.

ولبنان يطالب بحل سياسي للأزمة في سوريا وتأمين الاستقرار والأمن فيها، حيث يمكن عندئذٍ أن تتحقق عودة كافة السوريين، إن ذلك هدف، لكنه ليس شرطاً مسبقاً لمعالجة ملف النازحين إليه. كما أن لبنان يطالب الدول بتعزيز مساعداته للقطاعات الاقتصادية، ما يشجع اللبنانيين على البقاء في بلدهم وخلق فرص عمل للبارعين من السوريين الموجودين على أراضيه. إنما لبنان يرفض أي شروط لمساعدته. كما أن لبنان ليس عضواً في الاتفاقية الدولية حول اللاجئين 1951.

وتؤكد المصادر أن ليس من جهة دولية قالت صراحة أو مباشرة أو غير مباشرة بأنها تقف مع توطين النازحين السوريين في لبنان. لكن مثل هذه الأفكار لا تُقال. لكن كثافة اللجوء واستمراريته وتثبيته، مسألة لا تريح أحداً، لذلك يعمل لبنان لتنفيذ خطة الحكومة، وفي إطار الأهداف التي ذكرت.

وتلفت مصادر ديبلوماسية أخرى، الى أن أي جهة دولية لن تقول إنها تعمل من أجل توطين هؤلاء. إنما ما يُقال فقط، هو أن المجتمع الدولي يرى أن الأزمة السورية طويلة الأمد شاء لبنان ذلك أم أبى. وقد تمتد عشر سنوات وتصل الى 20 سنة، وأن السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية باقون في لبنان طيلة هذه المدة. وبالتالي، يرى هذا المجتمع أن من واجبه مساعدة لبنان على تحمل هذا (العبء)، وأبلغه بذلك، عن طريق تطوير البنى التحتية لكي يستطيع استيعاب كل العدد. الكلام الدولي حول أن هؤلاء باقون في لبنان لا يعجب المسؤولين اللبنانيين، لكن هذا ما يُقال.

الدول تقول للبنان، بأنه سيعترف عاجلاً أم آجلاً أن هؤلاء باقون فيه طيلة فترة الحرب. ولبنان يطالب الدول بضرورة أن تتحمل هي جزءاً من لجوئهم وأن تستقبلهم. الدول تخشى هروب اللاجئين إليها عبر البحر، وهي لا تريدهم. لذا فهي تعرض مساعداتها لاستيعابهم في لبنان لأن فترة بقائهم فيه طويلة. يهم الدول مصالحها الذاتية، أي أنه من الأسهل عليها المساهمة في دفع تكاليف إيوائهم في لبنان، على أن تستقبلهم هي على أراضيها. والدول توفر على نفسها إحراجات دولية في عدم الاكتراث لإعطاء الهاربين من السوريين في البحر أوراق لجوء، أو في تلافي مشهد، أن يغرق هاربون منهم في البحر والإحراج أمام المجتمع الدولي إنسانياً.

الدستور اللبناني يمنع التوطين مع أي كان من اللاجئين على أرضه. ومشكلة وجود السوريين على أرضه تبقى أخطر مشكلة يواجهها. وهناك نزاع بين البعد الإنساني وبين البعدين الأمني والسياسي في معالجة مسألة وجودهم في لبنان. من بين النازحين مسلحون يمكن أن يؤثروا سلباً على المستوى الأمني. وهناك معارضون للنظام تحتج المنظمات الدولية في حال تم تسليمهم للنظام، وهناك أفرقاء لبنانيون لا يريدون أن يستكمل هؤلاء نشاطهم من لبنان. وهناك موالون للنظام أيضاً. التعاطي مع ذلك صعب لكنه غير مستحيل.