بتصريح حديث له امام شبكات الإعلام الفضائية، أعلن رئيس وزراء حكومة النازيين الجدد أنه أصدر توجيهات لجيشه للتخطيط لإجلاء مئات الآلاف من سكان رفح قبل الإجتياح البري المرتقب للمدينة. ويضيف أن جيش الإحتلال سيؤمن ممرا آمنا للمدنيين قبل الهجوم لأن ثمة مناطق في شمال رفح تم «تطهيرها» ويمكن إستخدامها كمناطق آمنة للمدنيين.
لا تتجاوز مساحة رفح أكثر من 151 كلم2 ويحتشد فيها اليوم نحو مليون وثلاثمائة ألف نازح فلسطيني من اللذين هجرهم الإحتلال الإسرائيلي من مناطق عديدة من قطاع غزة بحيث صارت تعتبر ملاذا أخيرا لهؤلاء.
بموجب معاهدة روما التي تعتبر في أساس المحكمة الجنائية الدولية تعتبر عمليات إبعاد السكان المدنيين ونقلهم قسرا الى أماكن أخرى جريمة ضد الإنسانية محظورة خاصة متى ارتكبت في إطار هجوم واسع النطاق وممنهج وهي مثل الإبادة الجماعية عرضة للعقاب بصرف النظر عما إذا كانت وقعت في زمن السلم أو في زمن الحرب.
إن سماح الجيش الإسرائيلي الملتبس للمجموعات الفلسطينية للخروج الى رفح هربا من الفظاعات التي ارتكبها هذا الجيش في غزة وراح ضحيتها حتى الآن ما يزيد على ثلاثين ألف شهيد من أطفال ونساء وشيوخ، هو تجميع لهم في رفح تمهيدا لنقلهم قسرا الى أماكن أخرى غير مؤكدة في الوقت الحاضر بحيث يصح أن تعتبر مدينة رفح اليوم شبيهة بـ «الغيتو» الذي عانى منه اليهود في زمن النازية.
تعود كلمة «غيتو» في أصولها الى المنطقة التي يعيش فيها طواعية أو إكراها مجموعة من السكان التابعين لعرق معين أو دين معين وهي شبيهة بالحارات التي كانت دول أوروبا تأمر اليهود في الإقامة فيها وعزلهم عن باقي الأماكن وتحكم إغلاق بواباتها تمهيدا لإحراقهم وفقا لرواياتهم هم في محارق سميت «هولوكوست» أو المحرقة اليهودية وفقا للرواية اليهودية قد استعملوها لإبتزاز العالم الغربي والأميركي بإسم معاداة «السامية».
ولهذا السبب يشعر النازيون الجدد بالقلق عندما يصف المراقبون الغربيون المحايدون ما يحصل في غزة على أنه «هولوكوست غزة» لما يتضمن من قتل وإعتداء ومجازر بحق الأطفال وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية رصدتها كاميرات الإعلام الأجنبي وشاشات الفضائيات ونقلتها لحظة بلحظة بحيث لم يعد ثمة حاجة لإثبات ان ما يحصل في غزة هو «هولوكوست» جديد. وقد ظهر أنه أكثر مصداقية وأكثر بشاعة من الـ «هولوكوست اليهودي» خاصة أن الرأي العام الأوروبي والأميركي بدأ يشكك في حدوث محرقة اليهود كما يصورونها هم ويعتبرونها وسيلة ابتزاز ليس أكثر.
وعلى الرغم من كل الإعتراضات التي قالت بها بعض الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية والدول العربية والمطالبة بمنع إجتياح رفح ومنع تهجير أهلها بمن فيها النازحين اليها من غزة، فإنه يبدو أن الحكومة الإسرائيلية قد أعدت العدة لعملية نقل هؤلاء الناس خلافا لإرادتهم وإنها جهزت أماكن أخرى خارج التراب الفلسطيني لكي تكون ربما الدولة الفلسطينية التي يطالب بها الشعب الفلسطيني.
إن صمت المجتمع الدولي وعدم إتخاذه إجراءات عملية لمنع تهجير أهالي رفح سوف يسمحان لحكومة النازيين الجدد بتنفيذ خطتها بتهجير سكان رفح وإخراجهم من أرضهم غير آبهة بما صدر عن محكمة العدل الدولية حول إتهامها بإرتكاب جرائم الإبادة الجماعية، وبإعتبار أن الأمر الذي أصدرته حول غزة يشمل مدينة رفح ومطالبة إسرائيل بتنفيذ هذا الأمر فورا. لكن إسرائيل وعلى عادتها تضرب بعرض الحائط بكل القرارات الدولية طالما أن ثمة من يستعمل حق الفيتو لمنع مجلس الأمن من إلزامها بالتنفيذ الجبري.
* مدعي عام التمييز سابقاً