عادت الخلافات داخل البيت الدرزي إلى الواجهة تحت جملة عناوين سياسية محلية وإقليمية ودرزية، خصوصاً تلك التي تتعلّق بالشأن السوري، وهو ما أشعل السجال بين الوزير السابق وئام وهاب والنائب وليد جنبلاط، عبر حملات إعلامية. وكشفت أوساط درزية عن صعوبات تسود الساحة الداخلية إثر استشهاد سمير القنطار والتداعيات التي أثارها، والتي تركت شرخاً كبيراً على مستوى قواعد الأطراف الدرزية كافة، وهو ما يُسجّل يومياً عبر مواقع التوصل الإجتماعي التي تشنّ حملات متبادلة من قبل أنصار الطرفين. وعلى رغم أن الأوساط لفتت إلى أن جنبلاط تمنى على قيادة منطقة عاليه تشكيل وفد برئاسة الوزير أكرم شهيّب ويضم كل قيادات الحزب في الشحّار للتعزية بالقنطار في عبيه، فإن هذا الأمر لم يؤثّر في حال التوتّر الناشئة، خاصة أن مشاركة الوزير السابق غازي العريضي يرافقه نجله عمر يوم التشييع في الضاحية الجنوبية كانت شخصية، كما أكد العريضي نفسه، قد اثارت ردود فعل سلبية لدى محازبي ومناصري الإشتراكي.
وفي جديد هذا المناخ الدرزي ـ الدرزي، كما قالت الأوساط الدرزية نفسها، فإن الخلافات الداخلية ليست مستجدّة، وكانت بدأت على خلفية رفض النائب طلال إرسلان إقامة المكب في الـ«كوستا برافا»، والذي اعتبره الحزب التقدمي الإشتراكي موجّها ضد خطة الوزير أكرم شهيّب بإيحاء من «حزب الله». كذلك، لم يرق الإشتراكي موقف إرسلان من ترشيح النائب سليمان فرنجية، وتنسيقه مع «التيار الوطني الحر» ضد هذه المبادرة التي دعمها جنبلاط.
وأضافت الأوساط ذاتها، أن هذه التطوّرات قد تزامنت مع انقطاع اللقاءات الجنبلاطية ـ الإرسلانية منذ مدة طويلة، الأمر الذي ساهم في تعزيز التباعد بين الرجلين، في ضوء تمسّك إرسلان باعتماد النسبية في قانون الإنتخاب، ورفضه أي طرح آخر، بالإضافة إلى تكرار دعوته إلى المثالثة، وإلى الخروج من النظام السياسي الحالي، وهو ما يؤشّر إلى اختلافات كبيرة على مستوى الرؤية إلى الملفات الداخلية برمّتها. وذكرت الأوساط، أن إرسلان يسعى إلى كسب مقعد لنائب ماروني وآخر أرثوذكسي في عاليه. ويضاف إلى ذلك، الإنقسام العميق الحاصل بين الطرفين في النظرة إلى الحرب السورية، اذ أن هناك إشكالية كبيرة في ظل التأييد الكامل من قبل إرسلان للنظام السوري، ويظهر ذلك من خلال الوفود التي يشكّلها لزيارة جبل الدروز، مما ساهم في زيادة حجم الخلافات بينهما، إلى أن برز التباعد بشكل كبير بعد استشهاد القنطار، واللافتات التي رفعت في منطقة عاليه، والتي اعتبرها مناصرو الإشتراكي وكأنها رسائل إستفزازية مبطّنة إليهم. لكن الأوساط نفسها، استدركت لافتة إلى إعطاء جنبلاط توجيهات إلى محازبيه باستيعاب الأمور، وعدم القيام بأي ردود فعل.
وفي سياق متصل، وعلى صعيد الحملة التي يشنّها وهاب على زعيم المختارة بسبب تنديده باغتيال زهران علّوش، فقد اعتبرت الأوساط نفسها، أن هذا الواقع يشكّل مؤشّراً على احتدام المناخ الداخلي على الساحة الدرزية، وتوقّعت أن تتّسع رقعة الخلاف مع استمرار تداعيات الحرب السورية على الواقع اللبناني عموماً والدرزي بشكل خاص.