IMLebanon

الاستخفاف بإنسانية السوريين مجدداً.. بالكلور

 

غاز الكلور هو أحد الغازات السامة من حيث النتيجة، والواقع أن النظام السوري ما زال يحتفظ بكميات منه وربما مواد سامة أخرى- وأنه يستعمل هذه الغازات ضد معارضيه (لم يعلن النظام السوري غاز الكلور باعتباره جزءاً من مخزونه الكيماوي).

ويُعدّ الكلور من ضمن المواد الكيميائية غير المحظورة من حيث المبدأ، فهو يُستخدم في كثير من المنتجات الصناعية، كما أن غاز الكلور لا يدخل ضمن الاتفاق مع الحكومة السورية لتسليم الأسلحة الكيميائية، ولكن يمكن اعتبار هذا الغاز داخلاً ضمن المواد التي يشملها حظر اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية في حالة استخدامه لقتل المعارضين (وافق النظام على تسليم 1300 طن من الأسلحة الكيماوية وتدمير منشآت إنتاج وتخزين بموجب اتفاق حال دون توجيه ضربات عسكرية أميركية).

وقد اعتبر نظام روما (م8) للمحكمة الجنائية الدولية أن استخدام الغازات السامة يُعدّ جريمة حرب، ولا يؤثّر في ذلك ما إذا كانت هذه الغازات السامة ضمن المواد المحظورة بالكلية أو محظورة الاستخدام لأغراض عسكرية.

ويعتبر الهجوم على كفرزيتا في محافظة حماه، أحد أكثر الهجمات بالكلور توثيقاً، إذ تمكن نشطاء من تصوير الطائرات المروحية وهي تلقي اسطوانات الكلور، قبل أن يصوروا العوارض التي أصابت المدنيين في القرية المذكورة.

بدأ النظام السوري باستخدام الغازات السامة ضد المدنيين في سورية منذ عام 2012، حيث وثِّق استخدام غازات سامة في أحياء حمص القديمة لأول مرة مع بداية شهر تموز/يونيو 2012، واستخدم لاحقاً بشكل متواصل في كل من ريف إدلب ودرعا ودير الزور وحلب. وقد كان غاز السارين وغاز الخردل هما الأكثر استخداماً في الهجمات، قبل أن يوافق النظام السوري على تسليم مخزونه الكيماوي.

ومنذ 11 نيسان الماضي وقعت هجمات عدة؛ بغاز الكلور هذه المرة، (أعلنت منظمة هيومن رايتس ووتش وجود «أدلة قوية» على استخدام النظام السوري غاز الكلور في هجمات بالطيران على ثلاث بلدات هي كفرزيتا والتمانعة وتلمنس، خلال نيسان).

وقبل أيام (في10/9) قالت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية إن مفتشيها عثروا على «أدلة دامغة» على استخدام غاز الكلور كسلاح بطريقة «ممنهجة ومتكررة» في شمال سوريا هذا العام. وذكرت المنظمة أن استعمال الغاز تراجع عما كان عليه في شهر نيسان/إبريل الماضي لكنه عاد من جديد خلال شهر آب/أغسطس الماضي.

غير أن هذا التحذير لم يمنع النظام من استعمال غاز الكلور مجدداً في معارك جوبر في دمشق قبل أيام؛ على الأرجح بسبب النكسات التي أصيب بها هناك، رغم الحمم الهائلة التي أسقطها على الحي الذي يسيطر عليه الثوار. الناشطون صوروا حالات اختناق، وتحدثوا عن 30 إصابة اختناق وغثيان ناتجة من مادة الكلورين (ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الحي المذكور للاستهداف بالغازات السامة).

السؤال الذي يطرح نفسه في ظل استمرار الهجمات بغاز الكلور؛ هل فعلاً كان الهدف من انتزاع المخزون الكيماوي للنظام هو حماية السوريين؟! ما كان واضحاً منذ البداية أن الهدف لم يكن كذلك، فقتل السوري بالغاز أو بالنار سيان، تماماً كما هو الحال الراهن لجهة اعتبار الكلور داخلاً في المخزون الكيماوي أو غير داخل، لأن النتيجة واحدة وهي الموت.

هذا يعني أن انتزاع المخزون الكيماوي من النظام السوري كان خوفاً من فقدان النظام السوري السيطرة عليه مع الوقت، ما يجعله عرضة للوقوع بالأيدي الخطأ (مع الإشارة إلى أن وجوده مع النظام السوري هو خطأ أصلاً)، كما أن انتزاعه يدخل في باب حظر استعمال هذا السلاح لئلا يصبح في دائرة المقبول في منطقة الشرق الأوسط، وتحديداً لجهة إمكانية استخدامه ضد «إسرائيل» يوماً.

توالي استعمال غاز الكلور؛ دليل جديد على الكذب المتمادي على الشعب السوري وادعاء حمايته من قبل العالم الذي لا يهتم إلا لمصالحه، ولو كان ما يسمعه ويراه يهز جماد القلوب ويحرك الإنسانية.