Site icon IMLebanon

تعطيل اللعبة الديمقراطية وتفعيل الصراع الجيوسياسي

٣ حزيران موعد آخر يقفز هذه المرة من فوق الذكرى السنوية الأولى للشغور الرئاسي يوم ٢٥ أيار. ولا أحد يتصور أنه يغامر في التوقعات وهو يقول بدم بارد ان الجلسة ال ٢٤ لم تختلف عن الجلسات السابقة. فالمشكلة في المجلس النيابي ليست العجز عن انتخاب رئيس في دورات اقتراع من دون حصول أي مرشح على الأكثرية المطلوبة بل حرص البعض على اللاانتخاب. والسؤال المطروح من خارج الاجماع في الخطاب على ضرورة الانتخاب ومخاطر الشغور الرئاسي هو: ماذا لو كان هناك من يرى في انتخاب رئيس خطراً أكبر من خطر الشغور؟ وماذا إن كان وجود رأس للجمهورية حالياً يعرقل خطة يعمل لها فريق ضمن سيناريو متعدد الفصول؟

كل المراهنين على الدور الخارجي، كما الداعين الى لبننة الاستحقاق الرئاسي، يعرفون ان لبنان ليس خارج الصراع الجيوسياسي الدائر دموياً في المنطقة، من سوريا والعراق الى اليمن وليبيا. والاستقرار النسبي في لبنان تحت المظلة الاقليمية والدولية هو من متطلبات الصراع وحاجات أطرافه في هذه المرحلة. وانتخاب رئيس للجمهورية هو جزء من الصراع الجيوسياسي. كذلك الأمر بالنسبة الى الشغور الرئاسي وتركيب حكومة تقوم بالحد الأدنى من العمل، حيث الاتفاق على اي قرار يشبه قلع الأضراس.

وليس أخطر من الشغور الرئاسي سوى تعطيل اللعبة الديمقراطية في النظام الذي لا مخارج فيه من المآزق ولا مجال لاصلاحه، ولا نظام في المنطقة أقوى منه مع انه مفلّس. والأخطر منهما معاً هو التكيّف مع تعطيل اللعبة. بحيث تبدو مقاطعة أطراف أساسية في البلد للجلسات الانتخابية على مدى سنة كاملة كأنها ممارسة ديمقراطية ومسألة عادية.

وما دام لبنان جزءاً من صراع المحاور برغم خطاب النأي بالنفس، والكل يعرف استحالة قبول أي محور برئيس جمهورية محسوب على المحور الآخر، فان الاصرار على رئيس لمحور يوحي ان الشغور الرئاسي سياسة منهجية ضمن مشروع استراتيجي. والباقي مجرد تاكتيك للتغطية. ولا نهاية للغرائب والعجائب. فالهرب من الانتخابات النيابية بحجة الوضع الأمني يرافق اندفاع حزب الله للمشاركة في حرب سوريا. وربط حاضر البلد ومستقبله بالصورة التي ينتهي اليها المشهد في حرب سوريا هو رهان على صورتين صارتا من الخيال، وسط صورة داعش والنصرة وكل القوى المسلحة الآتية من الخارج للقتال الى جانب النظام أو المعارضة. الأولى هي عودة النظام كما كان. والثانية هي انتصار المعارضة المعتدلة واقامة نظام ديمقراطي تعددي.

وما يعبّر عن هموم الناس هو شعار بيل كلينتون: انه الاقتصاد، يا غبي.