لم تعد مواربة السياسيين تنفع، ولم يعد الكلام المنمَّق يجدي، ولم يعد بيع الكلام يفيد لشراء التفاؤل، البلد في الحضيض، فمن يدَّعي العكس ليُثبت ذلك؟
رئيس الحكومة تمام سلام في مصر، لكنَّ الأزمة في لبنان، الرحلات إلى الخارج تقطيع وقت وتضييع أيام، لكن إلى متى؟
إذا كان الوقت الضائع أطول من الوقت الحقيقي، فهذا يعني أنَّ كلَّ الأيام ستتحوَّل إلى أيام ضائعة.
ملفُّ النفايات مجمَّد.
ملفُّ الكهرباء مجمَّد.
ملفُّ سندات الخزينة ومستحقات فوائد الدَين مجمَّد.
هذا التجميد لا يُحرِّكه سوى جلسات مجلس الوزراء، والجلسات معطَّلة، إذاً البلد معطل!
اليوم دخلنا في شهر رمضان المبارك، إذا كان كلُّ شيء سيتجمَّد في هذا الشهر فهذا يعني أنَّ البلد دخل في مرحلة من المراوحة حتى عيد الفطر السعيد في النصف الثاني من شهر تموز المقبل. سيتزامن ذلك مع سلسلة من الإستحقاقات الحيوية بالنسبة إلى المواطن، من دون أن تلوح في الأفق أيُّ بارقة أمل في معالجات الملفات التي تكاد أن تصبح كارثية.
فملفُّ النفايات، على سبيل المثال لا الحصر، دخل في دائرة الخطر والوقت القاتل، مع اقتراب المعطيات التالية:
إقتراب الموعد المقرر لإقفال مطمر الناعمة، بالتزامن مع إنتهاء العقد الممدد مع شركة سوكلين، فماذا سيحصل في هذه الحال؟
حتى اليوم لا شيء عملياً تحقق، بعدما باءت بالفشل كلُّ عمليات تلزيم الكنس والجمع والمعالجة، فما تقدَّم حتى الآن يتعلق بجبل لبنان الشمالي والجنوبي والبقاع والجنوب، فيما المناطق الباقية لم يكتمل الملف فيها، ربما للدفع في اتجاه التلزيمات بالتراضي.
هذه العملية غير المكتملة ستُرغِم المعنيين بهذا الملف على العودة إلى التلزيمات عند نقطة الصفر، لكن كيف يحصل ذلك من دون قرارٍ من مجلس الوزراء؟
التلزيم وتقديم دفاتر الشروط يحتاج إلى قرار من مجلس الوزراء، ومجلس الوزراء لا يجتمع، فكيف الخروج من هذا المأزق؟
لا أحد يملك الجواب، بل إنَّ المعطيات الوحيدة المتوافرة هي أنَّ فوضى عارمة ستضرب هذا القطاع فيُخشى من أن يغرق البلد في النفايات. وأكثر من ذلك، فإنَّ الفوضى ستكون مصحوبةً بالغموض من خلال الإشكالية المتمثلة في أنَّ الحكومة حدّدت في دفتر الشروط أنَّ على المتعهد الذي سيشارك في المناقصة أن يجد موقعاً للمطمر، هكذا تكون الحكومة قد رمت المسؤولية على عاتق المتعهد الذي سترفض كل المناطق أن يُوضَع المطمر عندها، وعليه فإنَّ ما عجزت الحكومة عن تحقيقه كيف للمتعهدين أن يحققوه؟
في هذه الحال، هل يتم التمديد لسوكلين بحكم الأمر الواقع؟
كلُّ شيءٍ وارد في هذا البلد ولا سيَّما حلول ومخارج الأمر الواقع، فهل هذا هو المطلوب؟
لكن حتى سوكلين لديها مشكلة، فمطمر الناعمة سيُقفل في منتصف تموز المقبل، فهل البلد مُقدِم على أن يكون قائماً على جبل من النفايات؟