Site icon IMLebanon

التعطيل خطوة لاحتواء العهد

بعد اكتشاف النيّات الحقيقية وراء دور رئيس مجلس النواب نبيه برّي في «فركشة» تشكيل حكومة العهد الاولى،  على قاعدة ما صرّح به بعد انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، بأن الجهاد الاكبر سيبدأ عند تشكيل الحكومة، يتساءل الوسط السياسي والاعلامي، عن مدى قدرة «الرئيس القوي» على مواجهة «الجهاد الاكبر» وعن المهلة المقبولة زمنياً لتشكيل الحكومة، قبل ان تتحول «الفركشة» الى ما يشبه الفراغ الذي سيطر على لبنان بعد انتهاء ولاية الرئيس العماد ميشال سليمان، وهل ان عون سيلجأ الى خيار حكومة التكنوقراط، او سيقابل العراقيل بليونة واقعية، ويقبل بما يطلبه الثنائي الشيعي، من حقائب وزارية له ولحلفائه الذين انتخبوا الرئيس بأوراق بيضاء، بنية اعادة تصويب الامور في حكومة ما بعد الانتخابات النيابية؟!

التظاهرات التي انطلقت فور انتخاب عون، وما زالت مستمرة، وهي على ما يقال تدار «بالريموت كونترول» من عين التينة، وتمسك بري بوزارة المالية، ولما اعطيت له في التشكيلة الاولى التي وضعها الرئيس المكلف سعد الحريري، تمسك بري بحقيبة وزارة الاشغال التي اعطيت الى حزب القوات اللبنانية في التشكيلة عينها، وبدأت جوقة «الجهاد الاكبر» بشن حملاتها على «الحجم المنفوخ» للقوات اللبنانية في محاولة واضحة لاستهداف التفاهم بين القوات والتيار الوطني الحر، علماً بان القوات تنازلت عن مطالبتها بحقيبة سيادية، كما سبق وتم التفاهم عليه مع التيار الوطني، مقابل حصوله على حقيبة اساسية، ولكن على ما يبدو، فان مخطط التعطيل يتقدم على ما عداه من «تطمينات» هوائية، لان قوى 8 آذار على مختلف مكوناتها، ودون استثناء احد تريد ان يكون العهد العوني على صورتها ومثالها، لانها تحاول ان تسوّق بأن وصول عون الى رئاسة الجمهورية، انما هو انتصار لخطها السياسي وتحالفاتها المحلية والاقليمية، وبالتالي فان اي انفتاح للعهد على الدول العربية، وخصوصاً على دول الخليج، غير مستحب منها وغير مقبول، كما ان تغيير التوازنات الداخلية، باعطاء حزب القوات اللبنانية مساحة واسعة في المشاركة السياسية، وهو خصم شرس لحزب الله وقوى 8 آذار، يعتبر عملاً عدائياً من قبل التيار الوطني الحر، يؤثر على حسن العلاقة معه، كما ان قوى 8 آذار، تعتبر تمسك الرئيس عون بالدستور وادانة من يخترق سقفه، انما هو قول موجّه اليها في الدرجة الاولى، وهو يكشف عن عرض لما يمكن للرئيس القوي ان يفعله.

*    *    *

الحلفاء المفترضون للرئيس عون في قوى 8 آذار، يعرفون تماماً ان تأخير تشكيل اول حكومة في عهده، هو عامل مؤذٍ لبداية عهده، ومع ذلك يستمرون في فرض الشروط، بهدف استنزافه بالشروط والمطالب من جهة، واضعافه مسيحياً بمحاولة دفع حزب القوات الى تحميل عون مسؤولية ابعاده وتحجيمه ونقض تعهداته، آملين ان يغضب الدكتور سمير جعجع، ولا يشارك في الحكومة، فتخلو الساحة والحقائب الوزارية لهم ولحلفائهم من المسيحيين وهذا الامل بالنسبة الى القوات، كمثل حلم ابليس بالجنة، لان التفاهم القواتي – التياري الوطني، تحول على ما يؤكد الطرفان الى تحالف وتلاحم وتوافق لعدم تجاوزهما وتجاوز الاكثرية المسيحية الطاغية التي يمثلانها اليوم.