ليست رائحة النفايات التي تملأ شوارع بيروت الا واحدة من الازمات الكثيرة التي تعكس المناخ التعطيلي السائد داخل الحكومة، العاجزة عن التعامل مع أبسط واجبات الدولة حيال مواطنيها.
لا يبدو أن العطلة الحكومية التي امتدت لأسبوعين قد نجحت في احتواء الاجواء التصعيدية التي شهدتها الجلسة الاخيرة على وقع الاعتراض العوني على آلية عمل الحكومة. فما كادت عطلة العيد تنتهي ويُستأنف النشاط السياسي حتى استعاد رئيس “التيار الوطني الحر” نفسه التصعيدي ليبدأ المواجهة من حيث انتهت قبل أسبوعين: لا بحث على طاولة مجلس الوزراء في أي ملف أو موضوع مهما كانت أولويته وطابعه الملح قبل انجاز التفاهم على آلية العمل الحكومي وكيفية ممارسة مجلس الوزراء صلاحيات رئيس الجمهورية.
أما أزمة النفايات المستجدة بفعل غياب أطر المعالجة الاستباقية خصوصاً أن تاريخ 17 تموز موعد انتهاء العمل بمطمر الناعمة ليس تاريخاً مستجداً أو طارئاً، فيرفض التيار التعامل معها من خلفية طارئة يمكن ان يتقدم البحث فيها على البند الاهم بالنسبة الى عون: صلاحيات رئيس الجمهورية.
لا تشي الأجواء قبل يومين من استئناف مجلس الوزراء جلساته بأن الجلسة ستمر على خير. وبحسب مصادر سياسية مطلعة، فان الاتصالات مقطوعة، ولا وساطات من أجل تسهيل انعقادها وتخفيف التشنج عن نقاشاتها.
ليس رئيس الحكومة تمام سلام بعيدا من هذه الاجواء. وينقل عنه زواره انه بات يشعر بانزعاج كبير بسبب ما آلت اليه الاوضاع في البلاد، في ظل المناكفات السياسية التي أدت الى ما وصفه الزوار بـ”الاستعصاء”.
ولمس الزوار لدى رئيس الحكومة حالة من نفاد الصبر بعدما شعر أن صبر البلاد والمواطنين على اجواء المناكفات السياسية بدأ ينفد. فالتعطيل الحكومي بدأ ينسحب شللاً وعجزا عن معالجة ملفات الناس وعن تسيير شؤونهم اليومية.
وعليه، نقل الزوار عن سلام أنه اذا لمس أن الامور ستستمر على ما هي، وأن القوى السياسية مستمرة في التعاطي مع الامور من منظار مصالحها الضيقة من دون النظر الى المصلحة الوطنية العامة، وأنه في ظل الظروف الراهنة الناتجة من أزمة الشغور الرئاسي، وتعذر التعامل بجدية ومسؤولية مع المتطلبات الحياتية للمواطنين، فان فكرة الاستقالة لن تكون مستبعدة ابدا وأنها باتت حاضرة أكثر وواردة لدى رئيس الحكومة الذي يشعر بأن ثمة نية لتعطيل الحكومة ودفعها نحو التحول الى تصريف الاعمال.
ونقل الزوار أيضاً ان سلام الذي بدأت تراوده هذه الفكرة اذا وصلت الامور الى حائط مسدود، يضع بذلك جميع القوى أمام مسؤولياتها. ذلك أن الحديث عن اسقاط الحكومة لم يحن بعد، يجب أن يقترن بتفعيل عملها وليس تعطيلها، والا فان الحكومة تكون ساقطة عمليا.
في أي حال، لا تعول المصادر السياسية المشار اليها سابقاً على الاجواء السائدة قبل الجلسة الحكومية لأن التصعيد الذي بدأت نبرته ترتفع تدريجاً، معطوفاً على انقطاع المشاورات، لا يشي الا بأن جلسة صاخبة تنتظر الحكومة تفوح منها رائحة… النفايات!