صحيح ان اجواء الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله تبدو جيدة، غير ان تلخيص نشاط المتحاورين يتم بصورة شبه متكتمة، مع العلم ان لا تصريحات عما يدور فيها بعكس التأويل المرافق لكل جلسة، فيما هناك احداث من نوع اللاطعم واللارائحة تنشط الاخبار ازاءها، الامر الذي يتطلب بعض الوضوح حتى وان كان بعيدا من الحقيقة والواقع وهذا من ضمن التأكيد على وجود نية سليمة من وراء ما حصل من حوادث (…)
وثمة من يرى في هذا الخصوص ان من الافضل عدم الخوض في التفاصيل التي تحصل خلال الحوار كي لا يبدو الفشل بصددها وكأنه نهاية المطاف السياسي، لاسيما ان الامور لم تصل بين المتحاورين الى تحديد ماهية المرجو من وراء الحوار مع العلم ان الصمت الذي يمارس يدل على اشياء كثيرة من شأن الخوض فيها القول ان «القضايا الساخنة» لا يجوز ان تبحث قبل تحديد الاطار الايجابي لها، فضلا عن ان المتحاورين يتصرفون بحذر كي لا يقال انهم لم يقاربوا الامور الحساسة والقضايا الشائكة؟!
وما يقال عن حوار تيار المستقبل وحزب الله، يقال مثله واكثر عن حوار التيار الوطني وحزب القوات اللبنانية، على رغم تدني الفوارق في الجانب المسيحي، وهذا من ضمن تكرار القول ان شيء حزب الله لا يقاس بشيء التيار الوطني باستثناء القول ان موقف تيار المستقبل هو واحد بالنسبة الى موقف حزب القوات اللبنانية، لكن ذلك لا يلغي الخصوصية ازاء ما هو مرجو على الصعيد العام حيث لكل طرف مناخه السياسي في بعديه الداخلي والاقليمي وحيث لا بد وان تتوضح صورة الغد ليبنى على الشيء مقتضاه (….)
من هنا يقول المقربون من رئيس مجلس النواب نبيه بري، ان مشاركته في حوار المستقبل وحزب الله تكاد تكون ملحة، كي لا يصل الطرفان الى حد الاعتراف بان لا مجال لتفاهمهما، مع كل ما يعنيه ذلك من البقاء في دوامة الاخذ والرد التي يفهم منه ان من الافضل الاعتراف بوجود عقبات خارجية تمنع على التيار والحزب تقبل اية فكرة يفهم منها ان الامور يمكن ان تتطور باتجاه الاحسن؟!
والذين من هذا الرأي يوافقون ضمنا على ضرورة توضيح الرؤية من جلسات الحوار التي انقضت على سلام، لان ما لم يعلن عنه صراحة قد يشكل عامل حذر بالنسبة الى الرؤية السياسية التي يسلم بها فريق على حساب فريق اخر، وهي من ضمن ما صدر من مواقف، على هامش مطلق جلسة حوار، من جانب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي قال صراحة ان الحزب لن ينسحب من الحرب السورية ولن يبتعد عن علاقته الاستراتيجية بالجمهورية الاسلامية في ايران التي لديها حساباتها بالنسبة لما هو مرجو من الحزب في لبنان ومحيطه؟!
وما يقال عن الحوار يقال مثله عن الخطط الامنية الواجبة والضرورية في معظم المناطق اللبنانية، لاسيما ان ما بدأت فيه الدولة قد قوبل بارتياح غير مشروط من جانب الذين كانوا ولا يزالون على علاقة بحزب الله، وليس من يستبعد تطور الامور العامة باتجاهات سلبية عندما يحين اوان انتقال الخطة الامنية الى مناطق حساسة، قد لا تكون عرسال من ضمنها، لان مجالات البحث في حل لقضية العسكريين المحتجزين لا تزال عالقة وشبيهة بمن يستخدم العض على الاصابع؟!
ان هذه المشكلة بالذات توحي وكأن لا حل لها، بعدما جربت الدولة المقايضة وما اليها من حلول تبدو صغيرة قياسا على حجز حرية العسكريين، بعد تصفية بعضهم عن سابق اصرار، حيث لا يعقل ان يستمر التعاطي مع «التكفيريين» وكأن الدولة غير قادرة على ممارسة دورها، او انها لا تريد القيام بالمطلوب منها للخلاص من هذه المشكلة؟!
يبقى القول ان مجلس الوزراء مرشح لان يعاني من جمود جراء عدم التفاهم على آلية عمله، بحسب اصرار الرئيس تمام سلام على ان تكون هناك آلية، كي لا تضطر الحكومة الى اتخاذ قرارات مشوشة، بل مشوهة. من غير ان ننسى معاناة مجلس النواب الذي يبحث عن حل دستوري يجيز فتح دورة استثنائية لاقرار بعض القوانين، والمجلس من خلال جمود نشاطه يكاد يصبح مثل الفراغ في الرئاسة الاولى، وليس ما يدعو الى الاستغراب عندما يصل مجلس الوزراء الى حال من الشلل بمعزل عن آلية عمله المطلوبة وهذا ينطبق على حال مجلس النواب بعد تهديد فريق من النواب بمقاطعة الجلسات التشريعية قبل انتخاب رئيس الجمهورية؟!