Site icon IMLebanon

منشقون ومبعدون

 

من ينظر الى حقيقة العلاقات داخل الأحزاب والحركات والتيارات يكتشف أن معظم التصدّعات إن لم تكن كلها تعود الى الإقصاء من جهة والمطامح من جهة ثانية. ونكاد لا نستثني حزباً أو تياراً أو حركة من هذا الواقع.

 

وفي نظرة سريعة الى بعض تلك التنظيمات تبرز هذه الحقيقة واضحة الى درجة قد لا تقبل الجدال.

 

على سبيل المثال، لو أخذنا مسألة «المنشقين» عن التيار الوطني الحر أو عن العونية لأمكننا الجزم بأنّ سبب الانشقاقات يندرج في إطار ما تقدم. فاللواء عصام أبو جمرة الذي أنشأ «تياراً» مستقلاً، لم تكن له مآخذ (معلَنة  على الأقل) على الجنرال ميشال عون. خصوصاً عندما جرى توزيره وترشيحه  عن المقعد الأرثوذكسي الوحيد في بيروت الأولى (الأشرفية وجوارها). يومها كانت الأمور بألف خير. ولما تعذر التوزير والترشيح عن بيروت وقعت الواقعة.

 

وبعيداً عن «الحق»، مع من وعلى من، يمكن إدراج معظم الذين صاروا خارج التيار، وأعلن معظمهم أنهم لا يزالون عونيين داخل هذا السياق، وبينهم من أهل البيت العوني، بل إن بعضهم من «عظام الرقبة» … ونحن لا نحمّل أحداً المسؤولية إلاّ أننا نرى أنها مشتركة بين هؤلاء وبين قيادة حزب التيار: ولكن يبقى أنه كان، ولا يزال، متعذراً على الجنرال (قبل الرئاسة وخلالها) أن يرشح  للنيابة أو يعين  في الوزارة جميع الذين كانوا معه خلال مرحلة النضال الطويلة من «قصر الشعب» الى المنفى الباريسي فمرحلة العودة… وإلاّ لكان وجب أن يكون مجلس النواب مؤلفاً من آلاف الأعضاء، والحكومة من مئات الوزراء!

 

وبالنسبة الى حركة أمل فليس هناك «منشقون» إنما «مُبعَدُون».

 

وإن كان بعضهم شغل مواقع وزارية أو إدارية رفيعة في الإدارة العامّة. وقد قررت قيادة الحركة الاستغناء عن خدماتهم لأسباب تختلف بين شخص وآخر. بعضهم التزم القرار. بعضهم انتفض عليه واعتبره ظالماً. بعضهم الثالث بين – بين: أي بقي «حركياً» ولكن من دون حماسة وانخراط في العمل الحركي.

 

وثمة بينهم من لجأ الى الإعلام شاكياً ما يسميه ظلامته أو حاملاً على الرئيس نبيه بري  مباشرة أو مداورة. ولكن الحق يُقال إنّ هذه الفئة (بمنأى عمن في صفوفها من شخصيات محترمة أو ذات حيثية شعبية) لم تؤثر في حركة أمل لا من حيث الدور ولا من حيث الحضور السياسي.

 

ويمكن التوقف طويلاً عند حزب الكتائب اللبنانية الذي اعتاد على فصل أعضاء مخالفين وعلى «تمرّد» بعض الأركان حتى من الذين كانوا حاضرين بفعالية الى جانب الرئيس المؤسس المرحوم الشيخ بيار الجميل. وكان القدر قاسياً على الحزب، وعلى لبنان، عندما اغتالت يد الغدر الحفيد المرحوم الشيخ بيار وهو في ريعان الصبا، ويقدّم أداءً سياسياً (نيابياً ووزارياً) أكثر من ممتاز وكان قد بدأ يستجمع الكثيرين ممن باتوا خارج التركيبة الحزبية! وهل يمكن اليوم الكلام على خلاف  «استراتيجي» بين الشيخين سامي ونديم، أو إنه صراع على القيادة؟!

 

وكان في الود الحديث على قيادات أخرى في هذا السياق، وهو ما لم تعد تتسع له هذه العجالة حالياً.