IMLebanon

ملهاة

إذا كان أركان الحوار عاجزين عن حلّ أزمة النفايات التي حضرت للمرة الثانية على الطاولة فهل يُنتظر منهم النجاح في حلّ باقي أزمات الوطن من إنتخاب رئيس جمهورية إلى تفعيل عمل الحكومة المشلولة وضخّ الدم التشريعي في مجلس النواب الممدّد له خلافاً لإرادة أكثرية اللبنانيين؟

حسناً فعل رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع بمقاطعته هذا الحوار لأنه يعرف تماماً أن لا جدوى منه، ولن يؤدي إلا إلى إطالة أمد الأزمات التي تعصف بالوطن وبالتالي إلى مزيد من الشلل العام، والاهتراء، ومزيد من الإيغال في المستنقع، ما دام أن هناك فريقاً من هذه القيادات، مرتبط بالخارج لا حول له ولا قوّة، ويربط معه لبنان.

وقد أكدت المناقشات التي دارت على طاولة الحوار حتى الآن، صحّة ما ذهب إليه الدكتور جعجع عندما رفض الدعوة إلى الحوار، وتأكّد للبنانيين أن الحوار المزعوم لا يعدو كونه مضيعة للوقت لا أكثر ولا أقلّ، وأن مصير الوطن برمّته ليس فقط مصير الإنتخابات الرئاسية بات رهن التطورات في المنطقة، وفي سوريا تحديداً، بل وأيضاً مصير كل الأزمات الناجمة عن تعطيل الإنتخابات حتى الصغيرة منها كمثل أزمة النفايات باتت كلها أيضاً رهن هذه التطورات، ولا سبيل إلى الإفراج عنها، مهما استفاض رئيس الحكومة والوزير المعني بهذه الأزمة وكل الخبراء الفنيين وأهل الإختصاص في شرح الأخطار على البيئة، وعلى صحة المواطنين الناجمة عن كل تأخير في إيجاد حلّ لهذه الأزمة.

وحسناً أيضاً فعل رئيس حزب الكتائب الشيخ سامي الجميّل بتعليق مشاركته في الحوار وإعطاء الأولوية إلى تفعيل عمل الحكومة المشلولة حتى تنصرف إلى معالجة شؤون المواطن الحياتية والاجتماعية والاقتصادية وحتى البيئية بدلاً من إلهاء النّاس بتلك الكذبة الكبيرة التي إسمها الحوار.

لا شك أن رئيس حزب الكتائب أراد من تعليق مشاركة حزبه في الحوار إحداث صدمة لعلّها توقظ ضمير أولئك الذين يذهبون إلى الحوار ليس من أجل البحث عن حلّ، وإنما فقط من أجل «تقطيع» الوقت بانتظار ما ستؤول إليه الأحداث التي تشهدها سوريا ولا سيّما بعد انخراط روسيا في الحرب دعماً لنظام بشار الأسد وضمناً دعماً لسياسة التوسّع الإيرانية وإن اختلفت الآراء والتحليلات في شأن الهدف الروسي الثاني، ولكن على مَنْ تقرع مزاميرك يا شيخ سامي، وأنت تعرف حق المعرفة أن هذا الصوت الذي رفعته لن يغيّر ولن يبدّل في سلوك هذا الفريق المعطِّل للدولة، لأنه لا يملك قراره، وإذا أردنا أن نوغل في حُسن النيّة ونأخذ بكلام أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله بأن قراره الداخلي حرّ، ولا يُمليه عليه أحد على محمل الجدّ تصدمنا تصرفاته التي تدفع بالأمور إلى مزيد من التعقيد وتدفع معها البلد إلى مزيد من التقهقر إلى حدّ الوصول إلى الإنهيار.