IMLebanon

الإلهاءات المُكلِفة  في الوقت الضائع

حين تتجمَّد الملفات وتتعثَّر المعالجات، فهذا لا يعني أنَّ الدنيا تتوقَّف، بل أنَّ الدنيا تسير وأصحاب الأزمات يتوقفون فيتخلَّفون عن اللحاق بالمسار الطبيعي للأمور، فيستفيقون ويجدون أنَّ الدنيا أصبحت في الأمام وهُم ما زالوا في آخر المسيرة.

هذا الواقع ينطبق على لبنان الرسمي القابع في الخلف بالنسبة إلى معظم الملفات، فبدلاً من أن تكون المعالجات وراء الأبواب، أصبحت الإستحقاقات وراء الأبواب من دون أي معالجة لها.

فما يُثير العجب مثلاً أنَّ الإنتخابات النيابية على الأبواب! نعم صدِّقوا هذا الواقع، فمجلس النواب الممدد له مرتين، تنتهي ولايته في حزيران من العام المقبل، تدخل البلاد في مدار الإنتخابات قبل ستة أشهر من موعد انتهاء الولاية أي في آخر تشرين الثاني المقبل، هذا يعني أنَّ أمام مجلس النواب أربعة أشهر لإنجاز قانون جديد للإنتخابات، ولأنَّ الدورة العادية لمجلس النواب، والتي تبدأ في تشرين المقبل، تكون مخصصة للموازنة العامة للسنة التي تلي، فهذا يعني أنَّ مجلس النواب لن يستطيع التوصل إلى قانون جديد للإنتخابات النيابية، لتجري الإنتخابات على أساسه، ولأنَّ التمديد الثالث شبه مستحيل، وفق ما يؤكد معظم الأطراف، فإن إنتخابات العام 2017 ستجري وفق قانون الدوحة، وهو القانون المعدَّل بشكل طفيف عن قانون الستين.

حين يكون القانون هو ذاته، فإنه يُنتج مجلساً نيابياً صورة طبق الأصل عن مجلس النواب الحالي، باستثناء التبديل في بعض الوجوه التي لا تُقدِّم أو تؤخِّر، فموازين القوى السياسية واضحة في البلد، وليس هناك من استثناءات كبيرة، وبناءً عليه فإن كل الجلبة التي يسببها موضوع الإنتخابات النيابية هو غير ذي جدوى لأن هوية مجلس 2017 معروفة من اليوم.

إذاً، ما يُحكى عن استعدادات للتوصل إلى قانون جديد للإنتخابات النيابية، من ضمن السلة التي يُعد لها الرئيس بري في ورشة الأيام الثلاثة في آب المقبل، ليس سوى لذر الرماد في العيون، فمعظم الأطراف يخشون الدخول في مغامرة القانون الجديد لئلا يأتي بعكس تطلعاتهم، ولهذا فإنَّ الخطة تقضي بطرح ملفات على شكل إلهاءات، بغية تقطيع الوقت من دون التوصل إلى أي نتيجة.

من ضمن الأمور التي تُطرَح، عودة الحديث عن فرض ضريبة جديدة على أسعار المحروقات، لكن هذا الطرح، حتى ولو كان غير ناضج، فإنَّ من شأنه أن يؤدي إلى توترات شعبية، إذ من غير المسموح أن يُعالَج العجز في موازنة الدولة من جيوب الناس ولا سيما من متوسطي الدخل. فإقرار هذه الضريبة من شأنه أن يتسبب بموجة غلاء على كل المستويات، وهذا الأمر لا طاقة لأحد على تحمله.

ربما لهذا السبب، ولغيره، يطرح وزير المال إعداد الموازنة، لكن هذا التطور دونه عقبات، فما لم ينجح في الأعوام العشرة الفائتة، لماذا سينجح اليوم وفي ظروف أكثر من إستثنائية؟