الوضع المأزوم داخل مجلس الوزراء قد يطول.. وسقوط الحكومة وزر يتجنّب الجميع تحمّله
سيناريو تقسيم المنطقة قيد التداول في مطابخ دول القرار ولبنان ليس في جزيرة
مشاورات عين التينة – كليمنصو تتواصل ورهان على حِراك لـ «حزب الله» باتجاه الرابية للوصول إلى مخارج
هل تسقط الحكومة في براثن التعطيل الذي يزحف إليها بفعل الخلافات المندلعة بين مكوناتها على ملف التعيينات العسكرية، أم أن حركة الاتصالات التي تجري على خطي عين التينة وكليمنصو ستنجح في تجاوز هذا اللغم الذي، إن انفجر، ستكون له أضرار كارثية على الوضع اللبناني برمّته في ظل الفراغ الرئاسي والشلل البرلماني؟
الثابت حتى هذه اللحظة أن لا جلسة قريبة لمجلس الوزراء، وأن الاتصالات الجارية لم تفلح بعد في الوصول إلى ابتداع صيغة من شأنها حل العقدة المتمثلة بمطالبة وزراء العماد ميشال عون البتّ بملف تعيين قائد للجيش قبل الولوج بالبحث في أي بند من بنود جدول أعمال مجلس الوزراء، ورفض فريق الرابع عشر من آذار هذه المعادلة ودعوتهم ترك أمر التعيين إلى حينه.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه مصادر سياسية عليمة أن المشاورات ستتكثف في غضون الساعات المقبلة، وخصوصاً مع الرئيس تمّام سلام، فإنها تلفت النظر إلى أن كل الأفكار والطروحات التي تمّ تداولها في اليومين الماضيين قد سقطت، وأن أي تقدّم لم يحرز في ما يتعلق بعودة مجلس الوزراء إلى الالتئام، حيث أن الرئيس سلام ما زال يفضّل التريث لتجنّب التصادم مع أي فريق وفتح المجال أمام الاتصالات عل وعسى تنجح في بلورة حل يُعيد الأمور إلى نصابها، خصوصاً تلك التي يقوم بها الرئيس برّي والنائب وليد جنبلاط.
وإذ تعترف المصادر بوجود وضع مأزوم داخل الحكومة يُهدّد حياتها، فإنها في الوقت ذاته تؤكد أن كل الأطراف، وبالرغم من الخلافات الموجودة، تحرص على إبقاء الحكومة على قيد الحياة، لأن لا مصلحة لأحد بأن تطير هذه الحكومة والوقوع في مربع الفراغ القاتل، وهو ما يعطي فسحة من الأمل في إمكانية الوصول إلى تسوية، ولو بعد أيام، بعيداً عن معادلة الربح والخسارة، باعتبار أن ذهاب الحكومة سيكون له وقع مدوٍ على الوضع اللبناني الذي يعوم على بحر من الخلافات التي إن توسّع إطارها فإنها لن تبقى محصورة في التراشق الكلامي، وأن ذلك ربما يؤدي إلى انعكاسات سلبية على الشارع.
وتقول المصادر ان ما مِن عاقل في هذا البلد إلا ويدرك بأن حالة الانشطار السياسي الموجودة حالياً، وسياسة النكد والنكايات المتبعة داخل الحكومة ستكون لها نتائج وخيمة، وهي إن استمرت على ما هي عليه ستكون كمن يضع رأسه تحت المقصلة، خصوصاً وأن سيناريو تقسيم المنطقة بدأ يحتل مساحة واسعة من المداولات التي تجري في مطابخ دول القرار، حيث بدأت ترتسم معالم تسوية ربما يكون أحد أسسها تقسيم بعض الدول كالعراق واليمن وسوريا.
وفي رأي المصادر، فان لبنان ليس أقوى من هذه الدول المهددة بالتقسيم، وبالتالي فإن المظلة الإقليمية والدولية المحاط بها منذ مُـدّة والتي تنأى به عن التوترات الأمنية، ربما يذهب مبرر وجودها بفعل المتغيّرات التي قد تطرأ على المشهد الإقليمي، وبالتالي يصبح لبنان كغيره من الدول المحيطة به مهدداً بالحريق الذي قد يمزقه من جديد، بعد ان نجح اللبنانيون في تجاوز هذا الخطر في محطات كثيرة منذ اندلاع الحرب الأهلية في أوائل السبعينات إلى الآن.
وحيال هذا المشهد المقلق المحيط بالواقع اللبناني من كل جانب، فإن المصادر ترى ان مجلس الوزراء ربما يبقى لفترة «لا معلق ولا مطلق»، من دون ان يعني ذلك ان فرضية الاستقالة أو اعتكاف الرئيس سلام أو أي جهة سياسية ممثلة بالحكومة واردة في هذه المرحلة، وإن كانت الأمور توحي بأن الوضع الحكومي يتجه إلى مزيد من التأزم، حيث ان لا قرارات ولا مشاريع ولا مَن يحزنون في الوقت الراهن.
وتراهن المصادر على حراك قد يقوم به «حزب الله» تجاه الرابية في سبيل حياكة تسوية ما، بالرغم من الموقف العلني للحزب والمنحاز إلى جانب حليفه العماد ميشال عون، لأن «حزب الله» لن يقدم على أي خطوة من شأنها سقوط الحكومة لأن وجودها يعنيه في هذه المرحلة، إضافة إلى كونه يُدرك بأن تأليف حكومة بديلة في الظروف الراهنة لن يكون متيسراً بل هو أقرب إلى الاستحالة.
غير ان هذه المصادر تجنبت الدخول في التكهنات وضرب المواعيد لمثل هذه الخطوة التي رأت فيها الأمل الوحيد المتبقي لرأب الصدع الحكومي، بعد ان أظهرت كل المعطيات والوقائع ان الاتصالات التي جرت والتي ستتواصل بأن الأمور ما تزال في مكانها، وأن لا مناخات توحي بإمكانية حصول متغيّرات في وقت قريب.
وتنبه المصادر السياسية العليمة إلى ان الابطاء في الوصول إلى مخارج تسوية للمشكل القائم سيؤدي حكماً إلى تأزم حكومي طويل الأمد، يتزامن مع شغور رئاسي قد يمتد لأشهر إضافية، وشلل برلماني لا حدود له، وإن حصل ذلك فإن الساحة الداخلية ستشرّع أمام كل الاحتمالات التي سيكون أحلاها مراً.