IMLebanon

الانقسام في «المستقبل» يتسع.. ولا ضوابط!

ليس خافياً أن الرئيس سعد الحريري كان مدركاً قبل تبني ترشيح العماد ميشال عون أن موقفه سيستدرج ردود فعل داعمة أو رافضة.

ويمكن القول إن حالة التموضع التي سارع إليها بعض «النواب الزرق» بدأت تغري عدداً من زملائهم في الكتلة بهدف تسجيل موقف سياسي هنا، أو كسب شعبية هناك، من دون البحث عن التضامن النيابي الذي كان من المفترض أن تشهده «كتلة المستقبل».

وعُلم أنه بعد إعلان عدد من نواب المستقبل صراحة رفضهم التصويت لعون، وفي مقدمهم: فؤاد السنيورة، فريد مكاري، محمد قباني، عمار حوري، أحمد فتفت، سمير الجسر، وتلميح نواب آخرين بذلك أمثال: نضال طعمة، أمين وهبي، غازي يوسف، رياض رحال، ونبيل دو فريج، ولجوء نواب آخرين الى الصمت، بدأ مقربون من الحريري بإجراء اتصالات مع نوابه، من أجل الحدّ من التسرب الحاصل.

وفي هذا الإطار، يقول أحد النواب المترددين إننا سمعنا من الحريري أنه حصل على ضمانات، «لكن لا أحد من النواب يعلم ماهية الضمانات حتى الآن، لذلك فإن كل المواقف التي اتخذت ضمن «كتلة المستقبل» ما تزال قابلة لأن تتبدل إيجاباً أو سلباً، بحسب ما ستسفر عنه لقاءات الحريري مع النواب بعد عودته من السفر»..

هذا الانقسام على مستوى من يفترض بهم أن يكونوا النخبة السياسية وصناع القرار في «تيار المستقبل»، أدى الى انقسام حادّ على مستوى القاعدة الشعبية الزرقاء التي لا تخفي بعض القيادات المحلية فيها أن الحريري أقنع بخطابه «المحبوك» سياسياً ووجدانياً قسماً كبيراً منها وهم عبروا عن ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن المقتنعين أنفسهم يجدون صعوبة بالغة في إقناع من حولهم، فيما بقيت مجموعات «مستقبلية» على موقفها الرافض لترشيح عون.

ويرى متحمسون للحريري أن «بعض النواب يتشدقون اليوم بقناعاتهم السياسية ومبادئهم التي تمنعهم من التصويت لعون، لكن هؤلاء نسوا أو تناسوا أنّ حضورهم السياسي ما كان ليظهر، لولا الرئيس الحريري الذي اختارهم نواباً الى جانبه، وخاض معاركهم الانتخابية، ودفع عنهم أموالاً طائلة، حتى إن بعضهم كأنه ربح ورقة يانصيب أو ورقة «لوتو» فجاءت النيابة إليه على طبق من فضة».

ويضيفون أن «هؤلاء الذين عاشوا من خير الحريري مالياً وسياسياً في السراء، انقلبوا عليه في الضراء، وباتت لكل منهم قناعته التي لم يكن يجرؤ على المجاهرة بها عندما كان زعيم المستقبل في عزّ قوته».

ويشير هؤلاء الملتزمون، الى أن «أضعف الإيمان كان يقضي من النواب المعترضين أن يلزموا الصمت، ويحتفظوا بموقفهم لأنفسهم، وأن يعبروا عنه بعد ذلك في صندوقة الاقتراع في مجلس النواب، من دون أن يساهموا في إضعاف الحريري أكثر فأكثر، وفي تصدع كتلة المستقبل النيابية، التي يرى البعض أنها بعد الاعتراضات العلنية لبعض نوابها، لم تعد قادرة على الاجتماع أو اتخاذ أي قرار موحّد».

فيما يرى معترضون مستقبليون لم يقنعهم خطاب ترشيح عون، أن «الحريري هو الذي دفع بعض نوابه الى الخروج عليه، وهو الوحيد الذي يتحمل مسؤولية ذلك، لكونه لم يراع القواعد الشعبية لتيار المستقبل عموماً ولنوابه خصوصاً، التي انقلبت على التيار أولاً بسبب الأزمة المالية وانعدام الخدمات، وصرف الموظفين، وتالياً بسبب القرارات السياسية التي لا تتناسب مع تطلعاتهم».

ويقول قيادي مستقبلي بارز لـ «السفير»، «إن ردود فعل بعض النواب كانت طبيعية، وهي جاءت أقل مما كان متوقعاً، علماً أن الحريري كان يعلم بذلك، وهو سعى من خلال خطابه الى إقناع جمهوره وقد نجح الى حد ما».

ويضيف «إن صعوبة القبول بترشيح ميشال عون، لا تقل صعوبة عن القبول بترشيح سليمان فرنجية، لكن الموجبات التي طرحها الحريري كانت مقنعة، على قاعدة أن الضرورات تبيح المحظورات. ويجب على تيار المستقبل بكل مكوناته أن يقف الى جانبه في هذا الظرف العصيب، وكان الأجدى بالنواب المعترضين أن يعلنوا استقالتهم من التيار ومن الكتلة بدلاً من الإمعان في الإساءة الى صورتها أولاً، والى صورة الحريري ثانياً، خصوصاً أن كل الخصوم يتحينون الفرص للانقضاض عليه، وإظهاره بأنه لم يعد يستطيع أن يلزم كتلته بقراراته».

ويشير أحد المراقبين المطّلعين على أجواء «تيار المستقبل»، الى أن «عدداً من النواب الذين أعلنوا اعتراضهم على موقف الحريري يعلمون مسبقاً أن لا مكان لهم في الانتخابات النيابية المقبلة الى جانبه، لذلك أرادوا تسجيل موقف شعبي علّهم يستطيعون من خلاله لفت الأنظار، أو السماح لهم بالدخول الى فريق المتمردين الذي سبق أن انقلب على الحريري، وفي مقدمهم الوزير أشرف ريفي».