استفز مشهد استمرار انقسام المعارضة السورية وعدم توافقها الا بعد مداخلات اقليمية من اجل انتخاب احمد طعمه رئيساً للحكومة السورية الموقتة مراقبين ديبلوماسيين محليين واجانب، خصوصا في ظل فرصة دولية بدت أكثر فأكثر معولة على المعارضة وتعاضدها تمهيداً للمرحلة المقبلة مع تحالف دولي يوجه ضربات عسكرية لتنظيم الدولة الاسلامية، فيما تدفع دول اقليمية في اتجاه تدريب المعارضة المعتدلة ومساعدتها. فالتفهم الذي ابدته عواصم عدة لعدم قدرة المعارضة السورية على الاتفاق بعد اشهر من انطلاق الثورة ضد النظام السوري انما بني على اساس، ان النظام لم يسمح لأي معارضة بان تبرز طوال عقود وان ممارسة المعارضة دورها الفاعل والاتفاق على برامج سياسية لها يحتاج الى الوقت من اجل التنسيق في ما بينها وبناء الثقة بين اعضائها وافرقائها. الا ان الامر يبدو باعثاً على اليأس بعدما يزيد على ثلاث سنوات من انطلاق الثورة ضد النظام في استعادة مشهد الانقسامات وتكراره لدى كل استحقاق ومحطة وعدم القدرة على التوافق ما يوفر باستمرار أهم هدية للنظام السوري الذي يسعى الى اثبات “جدارته” في مقابل استمرار غياب البديل منه تماشياً مع استغلاله الغارات الجوية على تنظيم الدولة الاسلامية لمصلحته. ففي ظل مطالبة المعارضين السوريين خلال ما مرّ من عمر الازمة السورية حتى الآن بالتزام او انخراط اميركي عملاني الى جانب المعارضة لم تظهر هذه الاخيرة، عبر الخلافات التي اظهرتها قبل ايام في انتخاب رئيس حكومة موقتة قدرة على مواكبة هذه الفرصة عبر تجاوز اجنداتها المختلفة والاتفاق على كسب المعركة اولاً من اجل انقاذ سوريا.
ويخشى مراقبون أجانب في بيروت ان يدفع، مشهد المعارضة المختلفة والمنقسمة في اسطنبول قبل ايام، الرئيس الاميركي بارك اوباما الى الندم على قرار الاستثمار فيها بعد تردد كبير منه، بحيث تؤكد الانقسامات المستمرة داخل المعارضة صوابية خياره السياسي الاصلي بطبيعتها وعدم امكان الوثوق بقدرتها كما كان يقول، وان يكن مستبعداً ان يتخذ اي خطوة درامية قريباً في هذا الاطار لان اي تحول لا يبنى على عنصر وحيد. انما قد يعمد او يطالب بالضغط على الدول الاقليمية المؤثرة على المعارضة من اجل محاولة لملمة خلافاتها في ما يتصل بالموضوع السوري خشية ان يجهض ذلك جهود التحالف من اجل ملء المناطق التي يستهدف فيها تنظيم الدولة الاسلامية، تحت طائل ان ينجح النظام في اثبات العجز على عدم استبداله. والثغرة الأساسية في عدم توظيف الالتزام الاميركي ودفعه الى اقصاه وفق ما ترجو هذه المعارضة ان هذا الالتزام يبدو وحيداً من دون الالتزام الاوروبي وسواه كما هي الحال بالنسبة الى العراق مثلاً، مما قد لا يشفع بالمعارضة السورية في المدى المنظور اذا لم تكن على مستوى التحديات التي تواجهها.
ولا يبدو المراقبون السياسيون في لبنان على استعداد لإبداء النصح او التعليق على هذا الموضوع. اذ بات هؤلاء يظهرون حذراً في ابداء آراء علنية في ما خص موضوع سوريا ومعارضتها نتيجة جملة اعتبارات قد يكون أبرزها ان العجز الذي تظهره المعارضة السورية عن الاتفاق على رغم وجود تحالف دولي يعمل الى جانبها على الاقل وينوي الاستثمار فيها من اجل تغيير المعادلة القائمة في سوريا، يماثل الى حد بعيد العجز او القصور الذي يظهره الافرقاء السياسيون في لبنان في الاتفاق على ما قد يحمي بلدهم ويعزز موقعه على رغم الحماية الدولية الداعمة حتى الآن لاستقراره وامنه، بحيث لا يندفع هؤلاء الى الاستفادة من هذه الاجواء الاقليمية او الدولية من اجل تقرير ما يناسب بلدهم قبل الحسابات الاقليمية او الدولية. وهم في هذا السياق يظهرون أسوأ من المعارضين السوريين باعتبار ان الافرقاء السياسيين اللبنانيين يعرفون جيداً استحالة الذهاب الى إلغاء احدهم الآخر ولا يعمدون الى الحوار لحل مسائلهم العالقة بل ينتظرون الخارج الذي يبدون مستسلمين له من اجل انجاز الانتخابات الرئاسية على سبيل المثال لا الحصر. الا ان الأهم هو ان اداء المسلحين السوريين لجهة خطف عسكريين لبنانيين واحتجازهم من جانب تنظيم الدولة الاسلامية او حتى من جانب جبهة النصرة قد لجم اندفاعة المدافعين او الداعمين للمعارضة السورية من دون ان ينقضها او يزيلها في ظل استمرار معارضة بقاء النظام السوري او استمراره. الا ان ملف الرهائن العسكريين فتح جرحاً لدى اللبنانيين بحيث قيّد نسبة الحماسة للمعارضة او نسبة اظهار هذه الحماسة حتى لو كانت أعمال المسلحين مرتبطة عملانياً بانخراط “حزب الله” في الحرب الى جانب النظام. لكن المعارضة لم تقف في الاساس موقفاً صلباً مديناً او معتذراً من اللبنانيين لخطف الجنود ما ساهم في اضعاف ظهير قوي داعم للمعارضة السورية في لبنان وصولاً الى اللاجئين الذين سعى المسؤولون بجهد الى فصل هؤلاء عما يعاني منه لبنان من المسلحين السوريين او المخاوف التي باتوا يثيرونها والتي تخدم مصلحة من يقولون انهم يحاربونه اكان النظام في سوريا او “حزب الله