لا يلمح المراقبون أفقاً مسدوداً أو مفتوحاً للعلاقة التي تجمع، أو لا تجمع، بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحرّ» رغم الساحات المتقاربة بينهما والمسافات المتباعدة.
يتقاسم «الشقيقان اللدودان» هواجس مشتركة، يختلفان حول الأسلوب ويسعيان خلف الهدف نفسه. في مقارنة بين النهجين، آخر هذه الأهداف المشتركة هو ضرورة الإعتماد على العامل اللبناني وحمايته.
في هذا الإطار، «القوات اللبنانية» من خلال وزارة العمل المعنية الأولى والوحيدة تعتمد وبحسب مصادرها، النهج الهادئ والخطوات المدروسة وتطبيق القوانين مع الأخذ بعين الإعتبار الظروف التي أملت وصول الوضع إلى مآله الحالي وضرورة ملء الفراغ تدريجياً وعدم تحميل أرباب العمل بالكامل مسؤولية الأزمة الناشئة والتي تتحمل الدولة الجزء الأساسي في استفحالها وتفاقمها من خلال غض النظر وحفظ القوانين والمخالفات في الأدراج، لذا فقد عمد وزير العمل كميل أبو سليمان إلى إعطاء مهلة شهر لأرباب العمل لتسوية أوضاع مؤسساتهم لناحية العمالة الأجنبية واستصدار إجازات عمل مع إطلاق حملة إعلامية وإعلانية تشجّع على الإعتماد على العامل اللبناني ومنحه الأفضلية.
أما على مقلب «التيار الوطني الحرّ» الذي يبدو مقتنعاً بخطة الوزير أبو سليمان وجدواها وإمكانية نجاحها، فقد اختار الإعتماد على وسائل تحرّك مختلفة على حدّ قول المصادر نفسها، ترتكز على الإعلام والإعلان أيضاً، ولا تأخذ في الحسبان النتائج السلبية على أرباب العمل، وتجاوزت هذه الوسائل في أحيان كثيرة القانون والصلاحيات كما حدث مع تحرّك وزارة الإقتصاد، وهذا ما أفرغ التحرّك من مضمونه ليقتصر على «همروجة» إعلامية، كذلك الأمر في تحرّك شباب «التيار الوطني» الذي بقي رمزياً وتخلّله بعض المشاحنات مع القوى الأمنية وإطلاق شعارات رنّانة لا علاقة لها بصلب الموضوع ولم تقارب الهدف المرجو والمنشود.
«الوطني الحرّ» من خلال سلوكه، يبدو أنه يرغب في حفظ موطئ قدم عند كل استحقاق وإنجاز برأي المصادر، وخطوة تنظيم العمالة الأجنبية تشكّل موضوعاً دسماً للإستثمار السياسي لن يتركه «التيار» لقمة سائغة لـ«القوات»، رغم أن الرأي العام يدرك جيداً من وضع تلك الخطة ويسعى لتحقيقها والقدرات التي ستوضع من أجلها، و«القوات» ليست فريقاً متواضعاً يستطيع أي كان أن يصادر إنجازاته وهو مكتوف اليدين، لذا، الحري بـ «التيار» أن يضع إمكاناته المؤسساتية والشعبية في خدمة تحقيق إنجاز كهربائي ومائي وبيئي واقتصادي وإقفال ملف المهجرين على سبيل المثال لا الحصر.
هذا التنافس بين «القوات» و«التيار» مشروع وإن كان يتخطى الأطر المشروعة أحياناً بحسب المصادر، خصوصاً مع بروز الطموح الرئاسي المبكر للوزير جبران باسيل، واعتماد «التيار» أحياناً على خطاب متشنّج يشيطن الطرف الآخر ولو تمعنّا، فعدائية «التيار» لا تقتصر على «القوات» بل تطال كل موقع لا يوافق على سياسة «التيار» بالجملة أو بالمفرق.
مصدر مسيحي محايد، اعتبر أن «القوات» و«التيار» قادران على تقديم خدمات جُلّى رغم حالة الطلاق السياسي التي يستطيعان تعويضها بالتلاقي الإنمائي والخدماتي، ولا يلزم الطرفان سوى الإعتراف أحدهما بالآخر وبحجمه وتمثيله وحيثيته، وعندها فقط يستطيعان معاً فرض وجودهما واستعادة القرار