عشيّة جلسة مجلس الوزراء التي يُتوقّع أن يتمّ فيها إصدار سلسلة من التعيينات، يبدو أنّ المُشاكل القائمة بين «التيّار الوطني الحُرّ» وحزب «القوّات اللبنانيّة» مُرشّحة للتصاعد بشكل كبير، بسبب معلومات عن نيّة بإستبعاد كامل للقوات عن التعيينات المُرتقبة، وهو ما ستردّ عليه هذه الأخيرة، بحملة سياسيّة وإعلاميّة مُركّزة ضُد مُحاولات عزلها وإقصائها. فما هي المعلومات المُتوفّرة بهذا الشأن؟
بحسب أوساط سياسيّة مُطلعة إنّ كل مُحاولات إعادة ترتيب العلاقة بين «القوّات» و«التيّار» قد باءت بالفشل، حيث أنّ قرار رئيس «التيّار» وزير الخارجية والمُغتربين جبران باسيل حازم لجهة إبعاد «القوّات» عن التعيينات، بحجّة أنّها تُهاجم العهد وتُحارب «التيّار»، وعليها بالتالي أن تأتي بالحصّة التي تناسب حجمها بنفسها، وليس بمُساعدة «الوطني الحرّ» على الإطلاق. وأضافت أنّ كل مُحاولات «القوّات» في المرحلة الأخيرة الحُصول على تدخّل من جانب رئيس الجُمهوريّة العماد ميشال عون، لوقف السياسة المُعتمدة إزاءها من جانب قيادة «التيّار»، لم تلق الآذان الصاغية، حيث كانت إجابة الرئيس واحدة مع كل مُحاولة: «راجعوا جبران!». وأشارت الأوساط أنّ هذا الأمر دفع «القوات» إلى إتخاذ قرار بمُواجهة الإستهداف الذي تتعرّض له، سياسيًا وإعلاميًا، بهدف إظهار حقيقة ما يحصل معها أمام الرأي العام، وكذلك بهدف إظهار التمسّك بالآليّات القانونيّة والدُستوريّة الخاصة بالتعيينات الإداريّة في المناصب الرسميّة.
ولفتت الاوساط السياسيّة المُطلعة إلى أنّ تخاذل حُلفاء «القوات» المُفترضين، في دعمها في معركة التعيينات، يعود إلى رغبتهم في حفظ مواقعهم وحصصهم، قبل أيّ شيء آخر. وأوضحت أنّ تمسّك رئيس «التيّار الوطني الحُرّ» بالحصّة الساحقة من الوظائف الخاصة بالطائفة المسيحيّة، وسعيه إلى عدم تمثيل «القوّات» التي تُعتبر القوّة المسيحيّة الثانية سياسيًا وشعبيًا – في أقل تقدير، أفاد كلاً من «تيّار المُستقبل» و«الحزب التقدمي الإشتراكي» لأنّ هذا المنطق ساعدهما في الحُصول بدورهما على أكبر حصّة مُمكنة ضُمن طوائفهما ومذاهبهما. وأضافت الأوساط نفسها، أنّه لو قام «التيّار» مثلاً بالتنازل عن حصّة وازنة لصالح «القوات»، لكان على «المُستقبل» القيام بالمثل لصالح الشخصيّات السنيّة التي تحظى بثقل سياسي وشعبي لا بأس به في الساحة السنيّة، ولكان على «الإشتراكي» القيام بالمثل أيضًا لصالح كل من الحزبين «الديمقراطي اللبناني» و«التوحيد العربي».
وتابعت الأوساط السياسيّة المُطلعة أنّه مع الإقصاء الكلّي للقوّات من قبل «التيّار» في ظلّ غضّ طرف من جانب باقي القوى السياسيّة، سيكون من السهل على «المُستقبل» و«الإشتراكي» المُناورة والسعي إلى التهرّب من التنازل عن أيّ جزء وازن من حصصهما. وتوقّعت أن يتم منح كلاً من «تيّار المردة» و«الحزب الديمقراطي اللبناني» والقوى السنّية المُمثّلة بوزير في الحُكومة، حصصًا محدودة في التعيينات، وذلك ليس كرمًا من قبل كلّ من «التيّار» أو «المُستقبل» أو «الإشتراكي»، بل نتيجة الضغط المُمارس من قبل «الثنائي الشيعي» في هذا المجال بالدرجة الأولى، إضافة إلى حرص «الوطني الحُرّ» على دعم الحليف الأرسلاني الذي ساعد «التيّار» في تكوين كتلة نيابيّة – سياسيّة في «الجبل»، خرقت السيطرة الجنبلاطيّة المُزمنة على الشُوف وعاليه.
ولفتت أوساط مقربة من القوات الى انها «لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء ما يحصل، فهي أقرّت ضُمنيًا بأنّها خسرت معركة التعيينات الإداريّة، وهدفها من التصعيد السياسي والإعلامي الذي تقوم به بغير إتجاه حاليًا، ليس تحصيل أحد المناصب من هنا أو هناك على الإطلاق، بل تسليط الضوء على مُحاولات ضربها وعزلها، على الرغم من أنّ حجمها السياسي والشعبي يُتيح لها التمثّل في الإدارة الرسميّة للدولة اللبنانيّة بحصّة لا بأس بها – بحسب نتائج الإنتخابات النيابيّة الأخيرة. وكشفت الأوساط أنّ «القوات» عازمة أيضًا على توظيف ما يلحق بها من مُحاولات عزل وإقصاء، لتعزيز موقعها الشعبي، عبر الإنتخابات الطلابيّة والنقابيّة المُنتظرة خلال الأسابيع والأشهر القليلة المُقبلة. وتوقّعت الأوساط نفسها أن تعمل «القوات» في المرحلة الآتية، على دراسة كيفيّة التعاطي مع باقي القوى السياسيّة برويّة ودقّة، للبناء على الشيء مُقتضاه، وصفحة التعاطي الجديدة ستشمل الخُصوم والحُلفاء المُفترضين، على حدّ سواء، وذلك تبعًا لطبيعة تعاملهم مع «القوات»! وختمت الأوساط السياسيّة المُطلعة كلامها بالتأكيد أنّ مُعارضة شرسة ستبدأها «القوات» من داخل السُلطتين التنفيذيّة والتشريعيّة، بدءًا من جلسة مجلس الوزراء المُقبلة!