هل يلبّي الأقطاب الأربعة دعوة الراعي الأسبوع المقبل؟
التسوية أمام منعطف حاسم بعد تطويقها بالاعتراضات
إذا كانت التسوية الرئاسية لا زالت على الطاولة مع استمرار النقاش بشأنها، لكن لا شيء يضمن أنها سترى طريقها إلى التنفيذ، بعدما برز حجم التعقيدات الكبيرة أمامها وغياب التوافق المسيحي تحديداً بشأنها، في ضوء ما خلص إليه لقاء رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون وحليفه اللدود رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، ناهيك عن اعتراضات «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» و«حزب الكتائب» على الدفع باتجاه انتخاب فرنجية رئيساً، وهذه بالتأكيد أسباب أساسية لا يمكن أن تساعد على إنجاح المبادرة، إذا لم تبذل جهود لاستيعاب هذه الاعتراضات ومحاولة تجاوزها أو التخفيف منها، في ظل معلومات لـ«اللواء»، كشفت أن الثلاثي المسيحي يتجه إلى تصعيد مواقفه المعترضة على انتخاب فرنجية، لأنه يرفض المجيء برئيس لا يكون للمسيحيين الدور الأكبر في الإتيان به، في مؤشر واضح على اعتراض هذا الثلاثي على طريقة تبني الرئيس الحريري لرئيس «المردة» وعدم البحث مسبقاً مع المعنيين بهذا الترشيح وإن كان غير رسمي بعد، في وقت لا تبدي أوساط مسيحية بارزة كبير أمل بإمكانية أن تتجاوز التسوية العقبات الكثيرة التي تعترضها، بعدما ظهر بوضوح أنها تفتقد الغطاء المسيحي المطلوب لإمرارها، بالرغم من تأييد بكركي لها، مشيرة إلى أن الدعوة التي وجهها البطريرك بشارة الراعي للأقطاب الأربعة لن يتم التجاوب معها، بعد فشل لقاء النائبين عون وفرنجية وعدم استعداد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع لتلبية الدعوة، لأنه على تواصل دائم مع البطريرك وسبق له وأبلغ الأخير أنه غير موافق على التسوية، ما يعني أن الأزمة ما زالت تراوح وبحاجة إلى مزيد من الجهود في أكثر من اتجاه لتأمين الغطاء الوطني المطلوب حولها لضمان نجاحها.
وإذ تعترف مصادر قيادية في «تيار المستقبل» بأهمية الاعتراضات التي قوبلت بها مبادرة الرئيس الحريري، إلا أنها تؤكد أنها ما زالت مدار بحث ونقاش على نطاق واسع وهناك تأييد واسع لها في صفوف قسم كبير من اللبنانيين، وبالتالي فهناك إمكانية كبيرة لأن تنفذ وإن تطلّب الأمر وقتاً أكثر مما كان متوقعاً، سيما وأنها فرصة جدية قد لا تتكرر في أي وقت، في ظل الدعم الدولي والإقليمي الذي تحظى به، ما يؤشر إلى ضرورة استغلال هذه الأجواء الخارجية والعمل على السير بهذه المبادرة لملء الفراغ وإعادة تفعيل دور المؤسسات في ظل وجود رئيس جديد للجمهورية قادر على قيادة السفينة إلى بر الأمان. وتؤكد أن الرئيس الحريري متمسك بالتسوية الرئاسية ويرى أن الفرصة موجودة وقائمة لإنجاحها إذا تضافرت الجهود لتوفير مقومات عبورها حقل الألغام الذي زرع في طريقها، بعدما لم تفلح الجهود طيلة الفترة الماضية في التوافق على مرشح للرئاسة الأولى. وقد جاءت التسوية لتتبنى ترشيح أحد الأقطاب الموارنة الأقوياء الذين دعمتهم بكركي والتي حصلت على التزام واضح منهم بأنهم سيدعمون أحدهم إذا نجح في الحصول على تأييد الكتل النيابية أو معظمها لانتخابه رئيساً. وبالتالي فإن حصول النائب فرنجية على دعم قسم كبير من النواب، جدير بأن يلاقي تفهم الآخرين وإفساح المجال أمامه لينتخب رئيساً للجمهورية، طالما أنه قادر على الحصول على غالبية أصوات مجلس النواب المطلوبة للفوز بالرئاسة.
وتشدد المصادر على أن ظروف الأوضاع في المنطقة قد لا تسمح بحصول فرصة جديدة لملء الشغور الرئاسي تحظى بما حظيت به المبادرة الرئاسية الحالية وهذا ما يحاول الرئيس الحريري قوله للحلفاء والمكونات السياسية، سعياً منه للاستفادة من الظروف المؤاتية التي أعطت اندفاعة لا يُستهان بها لمبادرته، عسى ألا تدفع الحسابات الشخصية لدى البعض إلى «تطيير» هذه الفرصة وإبقاء لبنان رهينة الفراغ والشلل المؤسساتي، مع ما لذلك من تداعيات خطيرة على الوضع الداخلي برمته.