هزائم «داعش» تتوالى في العراق وكان آخرها سقوط جبل سنجار بيد قوات البيشمركة الكردية وفرار مقاتلي الدولة الاسلامية الى سوريا وقد وصف رئيس اقليم كردستان العراق مسعود البارازاني الامر بــ«الملحمة التاريخية» وما بقية المناطق التي سيطر عليها تنظيم دولة الخلافة وفي طليعتها مدينة الموصل، فان انتزاعها وفق اوساط ديبلوماسية بات قريباً جداً كون التحالف الدولي لمحاربة الارهاب الذي تقوده اميركا يسعى الى حصر وجود التنظيم التكفيري في سوريا لاطالة امد الحروب فيها، اما السبب الرئيسي للغيرة الاميركية المفاجئة على امن العراق، فيكمن في عودة الاميركيين اليه سياسياً وامنياً وعسكرياً وان هذه العودة لم تكن لتتحقق بعد الانسحاب الاميركي لولا اجتياح «داعش» لمعظم المناطق السنية في بلاد الرافدين بضوء أخضر اميركي، لا سيما وان نشوء «دواعش» طبخ في كواليس الاستخبارات الاميركية البريطانية وبمشاركة فعالة من اسرائيل.
وتضيف الاوساط انه في ظل محاربة التنظيم التكفيري في العراق، نجحت واشنطن في تحقيق معظم اهدافها وفي طليعتها انها باتت ضرورة لامن العراق والخليج، ورسخت معالم الدولة الكردية، كما انها احيت الصحوات السنية لدى العشائر العراقية، ما يحقق لها نوعاً من الاستقلالية، حيث ان الفرز الديمغرافي والاثني باتت تضاريسه بارزة من خلال المشروع الذي تقدم به نائب الرئيس الاميركي جو بادين للكونغرس الاميركي عام 2010 والقاضي بتقسيم العراق الى ثلاث دول سنية وشيعية وكردية، ما يجعل من الوجود الاميركي في العراق «شرا لا بد منه».
وتشير الاوساط الى ان ما يصح اميركيا في العراق لا يصح في سوريا حيث المطلوب اطالة امد الحروب الى ان يقدر الله امرا كان مفعولا لترسيخ تفكيك الاراضي السورية و فق مجريات الميدان ففي المخطط الاميركي وفق الوقائع والتسريبات من دوائر الخارجية الاميركية ان المطلوب ليس نسف اتفاق «سايكس بيكو» وتغيير حدود الدول التي انتدبتها فرنسا وبريطانيا اثر الحرب العالمية الاولى بل ترسيخ هذه الحدود وتفكيك المناطق في داخلها فتتحول سوريا الى مجموعة دويلات مذهبية واثنية ضمن الحدود المعروف بها دوليا وهذا الامر بدا جليا في انقلاب الموقف الاميركي تجاه مدينة كوباني فبعد اعلان وزير الخارجية الاميركي جون كيري في بداية المعارك بين الاكراد و«داعش» ان كوباني خارج استراتيجيتنا، سرعان ما باتت المدينة المذكورة في صلب الاستراتيجية الاميركية.
وتقول الاوساط ان الخسائر التي منيت بها «داعش» ستدفعها الى تغيير قواعد الاشتباك لتتوجه بثقلها نحو الساحة المحلية وربما هذا ما يفسّر بروز «داعش» الى الواجهة في جرود القلمون وعرسال وانحسار هيبة «جبهة النصرة» بعدما استقدم التنظيم التكفيري تعزيزات من ريف حمص وسحق «الجيش الحر» لرفضه مبايعة ابو بكر البغدادي وقد يندلع الاقتتال بينها وبين «النصرة» ففي معركة عرسال تصدرت «النصرة» المواجهات مع الجيش اللبناني وبرزت الى الواجهة كمسؤول اول واخير في عملية التفاوض لاطلاق العسكريين المخطوفين كونها تحتجز العدد الاكبر منهم قياسا على المخطوفين لدى «داعش» وطرحت الاوساط اسئلة وفي طليعتها:
1- من يقرّر في عملية التفاوض «داعش» ام «النصرة» وهل مطالبهما موحدة ام ان لكل فريق مطالب تختلف عن الاخر وهذه عقدة العقد؟
2- ماذا تخبئ «داعش» من خلال اندفاعها المفاجئ للتفاوض حول العسكريين المخطوفين بينما كانت «النصرة» تتصدر المفاوضات في الوقت الذي كان فيه تنظيم «داعش» يلتزم الصمت المطبق فما هي المتغيرات التي دفعت به الى الواجهة؟
3- هل ستكون المفاوضات عملية الهاء من قبل التكفيريين للسلطة اللبنانية لابعاد انظارها الامنية عن عمل كبير تحضّر له «داعش» في فترة الاعياد ولماذا وجه التنظيم المذكور تهديدات للرئيس سعد الحريري وللنائب وليد جنبلاط ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، مع العلم ان جنبلاط فتح خطوطاً عبر الوزير وائل ابو فاعور مع «داعش» وقبول الاخير بنائب رئيس بلدية عرسال احمد الفليطي كوسيط في عملية التفاوض؟
4- لماذا قصد الشيخ وسام المصري ومن بعده الفليطي «داعش» وماذا سيكون رد «النصرة» على ذلك لا سيما وانها متوجسة من «الدولة الاسلامية في العراق والشام»، ولماذا يتم التعامل مع قضية العسكريين وكأنها فولكلور وفق كلام الرئيس تمام سلام؟