IMLebanon

هل تُعلن وثيقة التفاهم بين «المستقبل» و«التيار» قبل الرئاسة؟

ليست واضحة معالم الحوار بين تيار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» لكنّ ثمّة حركة تواصل بين الطرفين يقودها وزير الخارجية جبران باسيل لجهة «الوطني الحر» والسيد نادر الحريري لجهة «المستقبل»، فهل يرتقي هذا الحوار إلى مستوى وثيقة تفاهم مستنبطة من الوثيقتين اللتين وقّعهما «الوطني الحر» مع «حزب الله» و«القوات اللبنانية»؟

تسيطر حال من التكتم الشديد حول مجريات الحوار بين «المستقبل» و«الوطني الحر». فالرجلان المكلّفان التواصل لتقريب وجهات النظر يحرصان على عدم إشاعة أجواء من التفاؤل أو التشاؤم ويعملان تحت الكواليس لإتمام ما يشبه التفاهم بين التيارين لم تُعرف تفاصيله لكنه قد يصل إلى نتيجة يُعلن بموجبها رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري تأييدَه لرئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية.

الفريقان يؤكدان أنّ الأجواء الحوارية لا علاقة لها بأيّ سلّة تفاهم وهما مقتنعان بأنه لا يجوز تحميل رئيس الجمهورية العتيد أي سلّة شروط أو التزامات بل ثمّة خطوط عامة يُجرى الإتفاق عليها وهذا ما يحصل بين الأحزاب الكبيرة أي الإتفاق على مبادئ عامة.

مسؤولون في «التيار الوطني الحر» يشدّدون على رفض أيّ سعي إلى المحاصصة إنما يجب العمل للإتفاق على مبادئ سياسات عامة مع «المستقبل» لأنّ ذلك قد يساهم في تحسين المناخات بين الحزبين قبل الدخول في تفاصيل قد تتضمّن بعض الإختلافات.

هناك تبادلُ أفكار بين الفريقين يقرّ به مسؤولون في «الوطني الحر» حول خطوط عريضة تتعلق بقانون الإنتخابات النيابية والأمن والإقتصاد والتربية وعناوين أخرى لا تقلّ أهمية.

أما مسؤولو «المستقبل» فيضعون الحوار الجاري في إطار التواصل بين شخصيات قيادية من التيارين وليس على مستوى القاعدة أو النخب السياسية، ويؤكدون أنّ الأمور لم ترتقِ بعد إلى مستوى وثيقة التفاهم كالتي اجراها «الوطني الحر» مع «حزب الله» و«القوات اللبنانية».

لكن إن حصلت في وقت قريب فستكون شبيهة بل مستنسَخة عن ورقة إعلان النيّات التي تمّ الإتفاق عليها بين «القوات» و«الوطني الحر»، على رغم أنّ قياديّي «المستقبل» يعتبرون أنّ أيّ رئيس لبناني سيادي بكلّ ما للكلمة من معنى لا يحتاج إلى وثيقة تفاهم مع «المستقبل» لأنّ كلمة «سيادي» تتضمّن وحدة السلاح ووحدة الأراضي والالتزام بالنظام الديموقراطي والإلتزام بالدستور، ولا يجوز أن يكون هناك خلاف على هذه البنود أساساً.

لذلك، ما يريده «المستقبل» من عون إذا تمّ الإتفاق عليه كمرشّح للرئاسة أن يكون رئيساً سيادياً ويسعى بكلّ ما لديه من طاقة لسحب السلاح من كلّ الميليشيات ويضع كلّ المقدرات العسكرية تحت سلطة الدولة.

لن يدخل الحوارُ بين باسيل والحريري في هذا الملف الشائك لأنّ الواقعيّة السياسية تجعل حلّ هذا الملف إقليمياً وخصوصاً أنّ عقيدة «حزب الله» مرتبطة بوجود السلاح حتى إنّ إيمانه العقائدي الديني والحزبي مرتبط بوجود السلاح، وإذا استمر محتفظاً بسلاحه سيبقى مسيطراً على مقدرات الدولة لأنّ مَن يملك السلاح لا بدّ من أن يملك القرار بالتجارة والصناعة والإقتصاد.

لكنّ مسؤولين في تيار «المستقبل» يُدركون أنّ أيّ رئيس سيادي أو غير سيادي لن تكون لديه القدرة على حلّ هذه المشكلة طالما لا تزال إيران تدعم الميليشيات المسلّحة في دول عدة ولا يتوقعون حلولاً معها من دون حروب دمويّة.

لذلك، من المتوقع أن لا تُدرج هذه النقطة الشائكة في أيّ تفاهم بين «التيار الوطني الحر» و«المستقبل»، إنما سيكتفي الطرفان بإعلان توافقهما على بنود استراتيجيّة عامة كالحفاظ على إتفاق الطائف وإعلان بعبدا والإلتزام بالقرارات الدولية والإلتزام بالمحكمة الدولية وحصر السلاح بيد الدولة، من دون الدخول في التفاصيل لأنّ «الشيطان» يكمن في التفاصيل.

ويبقى ملف الفساد، وهو غالباً ما شكّلت مقاربته تبايناً بين التيارَين، إذ يقتنع «المستقبل» بأنّ الفساد كان قائماً على مدى عقود في الدولة اللبنانية ومرتبطاً بالحالة الطائفية وليس بالحالة الحريريّة فقط، بل إنغمس جميع زعماء الطوائف بمفهوم المحاصصة، لكنّ التفاهم حول هذا الملف لن يكون مستحيلاً بين الفريقين.

من جهة أخرى، ثمّة مَن يستبعد أن يتوصّل الحوار الجاري بين باسيل والحريري إلى وثيقة تفاهم مكتوبة لأنّ «المستقبل» لم يوقّع سابقاً أيّ اتفاق سياسي مكتوب مع أيٍّ من الأطراف حتى مع أبرز حلفائه أي «القوات اللبنانية» ولا مع تيار «المردة» الذي قام الحريري بترشيح زعيمه لرئاسة الجمهورية بل يركّز الحوار على آلية الحكم من دون أيّ تنازل سياسي في الإطار العام لأنّ من شأن طرح ملف «حزب الله» مثلاً تفجير الحوار بين الطرفين.

ويقول بعض المعنيين بالإستحقاق الرئاسي إنّ الحوار بين «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» لن يصل إلى وثيقة مكتوبة بل يدخل في إطار التفاهم على الرئيس العتيد والحكومة رئاسة ووزارات وقانون انتخاب وليس مبادئ عامة كما يروّج الحزبان.

الأسابيع المقبلة ستظهر أكثر فأكثر ما توصّل اليه التياران في حوارهما الذي أصبح واقعاً مؤكداً، فيما تتحكّم في نتائج الحوار بينهما الكثير من العوامل بعضها ما هو محرج مع الحلفاء والخصوم وبعضها الآخر يتعلّق بالقدرة على الإلتزام بالبنود التي سيتفق عليها وجدّية الرافعة التي سيشكّلها ترشيح الحريري لعون.