تحلّ الذكرى العاشرة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري هذا العام في ظل تغييرات طرأت على سياسة تيار المستقبل، لجهة تبنّيه خيار الانفتاح على ألدّ خصومه السياسيين. فهل يستغل التيار هذه الذكرى لإحداث «صدمة إيجابية» في صفوف جمهوره وجمهور خصومه، بتحويل المناسبة إلى ذكرى وطنية لبنانية جامعة، بدلاً من إبقائها منبراً للاستثمار في الخلاف الداخلي؟ وهل يحضر رئيس تيار المستقبل سعد الحريري المناسبة شخصياً هذا العام؟
منذ أيام، لمس المستقبليون مؤشرات فسّروها على أنها تحضيرات لعودة مفاجئة للحريري إلى لبنان والمشاركة في ذكرى 14 شباط. ولفتت مصادر المستقبل إلى أن «التيار هذه السنة قرر حجز صالة تتسع لستة آلاف شخص، وهو عدد يفوق بكثير عدد الذين حضروا العام الماضي». كما أشارت المصادر إلى معلومات تتحدّث عن «إخلاء الأمين العام للتيار أحمد الحريري منزله المجاور لبيت الوسط، في خطوة يُراد منها تخفيف الضغط الأمني عن المنطقة، فضلاً عن تشديد الإجراءات الأمنية المحيطة بمنزل الرئيس الحريري في وادي أبو جميل، بشكل أكبر من الأيام العادية». هذا الجانب التقني، تعزّزه معلومات يتداولها المستقبليون في ما بينهم تتحدث عن «قرار إقليمي يدعم عودة الحريري في هذه المرحلة بهدف تثبيت الاستقرار الهشّ».
سيقيم «المستقبل» احتفال 14 شباط في قاعة تتسع لـ6000 شخص
على مدى الشهور الماضية، دأب جناح مستقبلي (معتدل) على إقناع الرئيس سعد الحريري بأن «الحياة التي نحب» لا تقف عند حدود 14 آذار ومكوّناتها، وأن «لنا شركاء في هذا البلد لا بدّ من محاورتهم مهما بلغت حالة العداء معهم». شجّع القرار الحريري، سواء عن اقتناع أو بضغط إقليمي مارسته المملكة العربية السعودية، بكسر الجليد مع حزب الله، حلفاءه في 14 آذار على الحذو حذوه، ففُتحت فجوة في الجدار الصلب بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر. وكان من تداعيات حوار الطرفين الأخيرين إرسال العماد ميشال عون ممثلاً عنه إلى احتفال القوات بتسليم الدفعة الأولى من البطاقات الحزبية في معراب. فهل يُقدم وريث الدم على خطوة مماثلة بتوجيه دعوة إلى حزب الله لحضور ذكرى 14 شباط، ومعه بطبيعة الحال التيار الوطني الحر؟ للوهلة الأولى، يبدو السؤال غير منطقي. يصعب تخيّل النائب نواف الموسوي أو النائب علي عمّار، مثلاً، يجاور في الصفّ الأول الإعلامية مي شدياق أو منسّق الأمانة العامة لـ14 آذار فارس سعيد، كما يُصعب توقّع تفاعل الجمهور مع عريف الاحتفال وهو يرحّب بـ«ممثلي» حزب الله أو التيار الوطني الحر. وبالمقدار نفسه، يصعب تخيّل حضور ممثل عن حزب الله في ذكرى جريمة يتهم القائمون عليها حزبه بارتكابها… إلا أن السياسة تبقى «فن الممكن»!
حتى الآن، لم تنته الهيئة التنفيذية في تيار المستقبل من توجيه الدعوات، ولم تضع بعد اللمسات الأخيرة على برنامج الذكرى. لكن مصادر تيار المتسقبل تؤكّد «عدم إمكانية دعوة الحزب والتيار الوطني». الثابت الوحيد حتى الآن هو أن «هناك كلمة سيلقيها الرئيس سعد الحريري». ولهذه الغاية، سيتوجه اعتباراً من اليوم عدد من الشخصيات المستقبلية إلى الرياض للقاء الحريري والاطلاع منه على مضمون الكلمة والتشاور معه. وفي هذا الإطار، توقعت مصادر في التيار أن «لا تختلف الذكرى هذا العام في الشكل، لجهة المكان الذي تُعقد فيه عادة أي في قاعة البيال، ولا في الوجوه المدعوة. إلا أن التغيير الأساسي سيكون في كلمة الحريري». في الذكرى التي ستقام تحت عنوان «عشرة ــ مية ــ ألف سنة مكملين»، كما أظهرت الإعلانات التي بدأت تنتشر. وتتحدث المصادر عن «تحول كبير في الخطاب، وخصوصاً أن المناسبة هذا العام تتزامن مع انطلاق الحوار الثنائي المباشر بين حزب الله والمستقبل برعاية رئيس مجلس النواب نبيه برّي. لذا، من المحتمل، على ما تقول المصادر، أن «يبدأ الحريري كلمته بالتأكيد على أهمية الحوار وتبريره، وإصدار موقف متشدّد من الإرهاب الذي تمارسه الجماعات المسلّحة». مع ذلك، استبعدت المصادر أن «يتغاضى الحريري عن ملفي سلاح الحزب وقتاله في سوريا، لأن تحييد الملفات الخلافية ينطبق حصراً على جلسات الحوار في عين التينة، لكنه، هذه المرة، سيتطرق إليها من باب الناصح لا الخصم».